محمد الرخا - دبي - السبت 15 يونيو 2024 08:09 صباحاً - خلقت اللجنة الثلاثية المنبثقة من اجتماع قمة زعماء مجموعة السبع؛ لمناقشة خارطة طريق لنزع فتيل التوتر بين ميليشيا حزب الله وإسرائيل، حالة من التوتر والجدل في الحكومة الإسرائيلية قبل أن ترى النور، ليرجح مراقبون احتمالية "فشلها في مهدها"، مؤكدين أنها تأتي تحت منطق "الصفقات والتسويات، إذ باتت تجارة سياسية ليس الهدف منها بناء سلام أو استقرار".
وبعد يوم واحد من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن زعماء المجموعة وافقوا خلال قمتهم في إيطاليا على تشكيل لجنة ثلاثية تضم ممثلين عن فرنسا وإسرائيل والولايات المتحدة؛ لمناقشة سبل التهدئة بين تل أبيب وحزب الله، استبعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الانضمام إلى المبادرة، متهما باريس بمعاداة بلاده.
وقال غالانت، في بيان نشره الجمعة، "بينما نخوض حربا عادلة دفاعا عن شعبنا، تتبنى فرنسا سياسات معادية لإسرائيل.. لن نكون طرفا في الإطار الثلاثي الذي تم اقتراحه".
تصريحات في غير محلها
ولوهلة، توقع المراقبون، بعد تصريح غالانت، أن المبادرة "قُتلت" قبل أن ترى النور، لكن "أنعشتها" مصادر عبرية حينما نقلت عن وزارة الخارجية الإسرائيلية قولها إن "تصريحات غالانت في غير محلها"، وتحفظت الوزارة على هجوم غالانت الذي صوبه نحو فرنسا، بحسب البيان الذي أفاد بأنه "على صرف النظر عن الخلافات القائمة بين باريس وتل أبيب، فإن التصريحات ضد فرنسا ليست في محلها، فضلا عن أنها غير صحيحة".
بشأن ذلك، قال نوفل ضو، المدير التنفيذي لـ"رؤية العوربة"، إن أية خطوة في الوقت الراهن لإنهاء الحرب على قاعدة -تسوية تقنية- (انسحاب مقاتلي حزب الله من مسافة 10 إلى 12 كيلومترا من الحدود) خطوة لن تؤدي إلى المطلوب في هذه المرحلة لإنهاء الحرب بين إسرائيل وميليشيا حزب الله، أو بالنسبة للحرب في غزة".
فشل المبعوثين
وانتقد نوفل، خلال تصريحه لـ"الخليج الان"، إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مناقشة خارطة طريق لنزع فتيل التوتر بين ميليشيا حزب الله وإسرائيل، مردفاً: "لدينا القرار 1701، لماذا لم ينفذه مجلس الأمن الدولي، الذي يشمل عضوية فرنسا وأمريكا اللتين صوتتا لصالح القرار؟".
ولفت إلى أن قرار تشكيل هذه اللجنة الثلاثية، التي جاءت بعد فشل المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، والمبادرة الفرنسية الأولى، يؤكد أنها تريد خلق تفسير لمشروع القرار 1701 ليغطي على عدم تنفيذه.
وأشار إلى أن مصلحة لبنان حالياً تكمن في عدم وجود لجان فرعية، بل الانطلاق مباشرة إلى صلب المشكلة وهي الاعتداءات المستمرة على لبنان من قبل إسرائيل، والمشكلة الثانية وهي سيطرة السلاح الإيراني على القرار السياسي والعسكري والأمني في لبنان، وهاتان المشكلتان يجب حلهما، ولا يجوز حل موضوع أمن إسرائيل على حساب لبنان، وفق قوله.
دخان يتصاعد فوق قرية الخيام جنوبي لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل، في أعقاب غارة جوية إسرائيليةAFP
منطق الصفقات والتسويات
وأبان الخبير السياسي نوفل ضو إلى أن "الأمريكان حتى ينتهوا من انتخاباتهم، والفرنسي حتى يخرج من ورطته الانتخابية الداخلية، والإسرائيلي حتى يخفف الخسائر على نفسه أو حتى يأخذ من المجتمع الدولي ثمنا لقاء التسوية مع لبنان"، مضيفاً: "هذا هو منطق الصفقات والتسويات التي حولها السياسيون إلى تجارة، إذ باتت تجارة سياسية ليس هدفها بناء سلام أو استقرار".
وشدد على أن المطلوب حل المشكلة الأساسية المتمثلة بضرورة إقامة دولة فلسطينية في هذه المرحلة، وإحياء الدولة في لبنان، مشيراً إلى أن الدول الغربية يجب ألا تبقى على منطق التسويات المرحلية "من تحت الطاولة".
وأضاف: "الواقع الذي نتج في لبنان عام 2006 حينما تم توسيع قوات اليونيفيل في جنوب لبنان على أساس ضمان الأمن ونزع السلاح، إلى غيره مما تضمنه القرار 1701، واليوم بعد 18 سنة على هذا القرار، نجد أن جميع العمليات التي يشرع بها حزب الله تنطلق من تمركزات قوات اليونيفيل".
وزاد: "واضح أن بنى تحتية أقيمت في تلك المناطق التي تسيطر عليها القوات الدولية، وتستخدم الآن في عملية المعارك الدائرة مع إسرائيل، وهذا المقصود بالعمليات التقنية المرحلية التي لا يجب الاستمرار فيها".
وأكد ضو أن المطلوب حالياً هو المقاربة الجدية والذهاب باتجاه مسار حل الدولتين – دولة فلسطينية وإسرائيلية – وإطلاق مسار حل الدولة الواحدة في لبنان وسوريا واليمن والعراق، وبالتالي منع إيران من أن تقوم بدور "دولة الظل" أو بالأحرى أن تلعب دور الدولة الأساسية، وفق تعبيره.
فك الارتباط عن غزة
بدوره، يرى الكاتب والناشط السياسي مصطفى فحص، في مسألة اللجنة الثلاثية التي أعلن عنها ماكرون، أنها يجب أن تراعي المطالب اللبنانية أولاً، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن إسرائيل غير معنية بالعودة إلى قواعد الاشتباك قبل 6 أكتوبر.
وبشأن المبادرات السابقة، قال فحص، في حديثه لـ"الخليج الان": "المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، والفرنسي جان إيف لودريان، لم يقدما أي خطوات حقيقية للتهدئة، خصوصاً أن هوكشتاين كان ينقل وجهة النظر الإسرائيلية في وقت لا تنفع فيه الإملاءات، كما أنه فشل في التفاوض لأن حزب الله لن يفك الارتباط عن غزة، كما أن اللجنة الثلاثية الجديدة – على الأغلب - لن تتمكن من ذلك أيضاً".
ولفت إلى أن هذه اللجنة لن تنجح إلا إذا توقفت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كما أنها تقع تحت رهن الظروف الانتخابية الحالية في أمريكا وفرنسا، متوقعاً في الآن ذاته أن تموت المبادرة في مهدها؛ بسبب تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وما خلفته من جدل داخل الحكومة الإسرائيلية.
يشار إلى أن حدة التوتر ازدادت أخيرًا بين تل أبيب وميليشيا حزب الله، التي أطلقت نحو 150 صاروخًا على إسرائيل، في هجوم هو الأكبر لها منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي.