محمد الرخا - دبي - الجمعة 14 يونيو 2024 10:20 مساءً - سجلت حالات الطلاق، أرقامًا متصاعدة، منذ بداية الحرب السورية عام 2011، واكبها ارتفاع في نسبة العنوسة بين النساء والرجال، ومعظمها يرجع لأسباب تتعلق بتداعيات الحرب.
وتشير أرقام المكتب المركزي للإحصاء، إلى أن عام 2022، سجل 46827 حالة طلاق، بزيادة قدرها 11% عن عام 2021 حيث كان العدد 41957 حالة.
وتبادلت دمشق وحلب، المركزين الأول والثاني في أعلى نسبة طلاق، ففي عام 2022 سجلت دمشق 8516 حالة، تلتها حلب بـ 7876 حالة، بينما في عام 2021 سجلت حلب النسبة الأعلى ووصلت إلى 8568، وفي دمشق 5172 حالة طلاق.
عمل النساء في سورياسانا
ورغم عدم وجود أرقام رسمية للمكتب المركزي للإحصاء، تتعلق بعامي 2023 و2024، إلا أن تفاقم الأسباب التي أدت إلى زيادة الطلاق في العامين اللذين سبقاهما، يرجح ارتفاع النسبة بشكل أكبر.
الطلاق "لعلّة الغياب"
وسبق لجريدة "الوطن" السورية، أن نشرت عام 2018، احصائيات قضائية رسمية، حصلت عليها بشكل خاص، تفيد بأن نسبة الطلاق مقارنة مع الزواج في دمشق، قفزت من 27% إلى 31% عام 2017.
وتعزو المصادر القضائية في إحصاءاتها، ارتفاع نسبة الطلاق إلى كثرة دعاوى التفريق التي ترفعها النساء تحت بند "علة الغياب"، أي اختفاء الزوج لفترة طويلة من الزمن دون معرفة مصيره.
وقبل عام 2018، كانت المعارك على أشدها في مختلف المناطق، حيث ارتفعت دعاوى "علة الغياب"، نتيجة اختفاء الكثير من الرجال دون أن يُعرف إن كانوا موتى أم على قيد الحياة.
كما ظهرت حالة جديدة تسببت في زيادة حالات الطلاق، منها اضطرار العائلات إلى تزويج البنات القاصرات بهدف إبعادهن عن أماكن الخطر، مما أوقعهن لاحقًا في مشكلة الطلاق، وتكرر الأمر بحالة مقتل الأب والأم في الحرب، حيث لجأ الأقرباء لتزويج البنات مبكرًا للتخلص من مسؤوليتهن.
الوضع الاقتصادي والهجرة
وحلّ الوضع الاقتصادي الصعب، مكان "علة الغياب"، كدافع لطلب الطلاق سواء من المرأة أم الرجل منذ عام 2018، فالمعارك الأساسية كانت قد انتهت، لكن معارك العائلات مع الفقر، بدأت على نحو أشد من الحرب العسكرية.
كما حضر موضوع هجرة الزوج بمعزل عن الزوجة والأبناء، أو العكس، كعامل في تفاقم الطلاق، نتيجة عدم تمكن أحد الطرفين من لم شمل الأسرة لسبب أو آخر.
وتقول الباحثة الاقتصادية أليسار فندي لـ"الخليج الان" إن "ظروف الحرب القاسية التي مرت على سوريا خلال السنوات الماضية، لابد أن تؤدي إلى ارتفاع نسب الطلاق، نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي وانتشار البطالة وزيادة أعداد المهاجرين، إلى جانب اختفاء الكثير من الأزواج بسبب المعارك والأحداث".
وخلال عام 2018، قفزت قيمة الدولار إلى أكثر من 2500 ليرة، كما شهدت الأسعار ارتفاعات متصاعدة وقياسية، رافقها ازدياد في أعداد العاطلين عن العمل وانتشار الفقر المدقع، وقد أثر ذلك على العلاقات الاجتماعية وساهم في رفع حالات الطلاق.
ارتفاع نسب الطلاق يعني ارتفاع العنوسة
وتربط الباحثة فندي، ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع، بارتفاع نسبة العنوسة كنتيجة حتمية.
الواقع الصحي في سورياسانا
وقالت: "بسبب انخفاض عدد الرجال نتيجة الحرب، وارتفاع نسب الطلاق، لابد من ارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع، حيث تتركز الزيجات في أعمار البنات صغيرات السن، بينما تنضم الأعمار الأعلى قليلًا إلى فئة العوانس".
ووفقًا لبيانات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا عام 2022، فإن هناك نحو 3 ملايين فتاة تجاوزن سن الزواج المقدر بـ 30 عامًا حسب العرف الاجتماعي، أي أن نسبة العنوسة وصلت إلى 70% من النساء.
وتقول الباحثة فندي: "الحرب والفقر والعزوف عن الزواج والهجرة، كلها عوامل ترفع نسبة الطلاق والعنوسة معًا، وقد تعرض المجتمع السوري لجميع تلك الظروف مجتمعة".
الهجرة
ويشهد المجتمع السوري، انتشارًا للعزوف عن الزواج بين الشباب والنساء، منذ بداية الحرب، فالغالبية الكبيرة، منشغلة بتأمين المستقبل الشخصي والبحث عن فرص للهجرة إلى أوروبا، للحصول على دخل مادي مريح.