لوموند: حل ماكرون للجمعية الوطنية يثير مخاوف الاتحاد الأوروبي

محمد الرخا - دبي - الجمعة 14 يونيو 2024 07:06 مساءً - أحدث قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحل الجمعية الوطنية صدمة في أنحاء أوروبا جميعها، إذ تركت هذه الخطوة التي تمهد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة في 30 يونيو/حزيران و7 يوليو/تموز، زعماء الاتحاد الأوروبي منقسمين حول التداعيات المحتملة على كل من فرنسا والاتحاد الأوروبي.

Advertisements

وأوضحت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن استراتيجية ماكرون غير المتوقعة كانت سببًا في تفاقم المخاوف بشأن الاستقرار السياسي في فرنسا ودورها المستقبلي داخل الاتحاد الأوروبي، ولاسيما فيما يتعلق بدعم أوكرانيا وسط الصراع المستمر.

ويأتي حل ماكرون للجمعية ردًا على انتكاسة كبيرة في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، إذ اكتسبت القوى اليمينية المتطرفة، بقيادة حزب التجمع الوطني بزعامة جوردان بارديلا، تأييدًا كبيرًا.

ومن المتوقع أن يهيمن الحل، الذي أُعلن عنه قبيل اجتماع ماكرون المقرر مع زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل في 17 يونيو/حزيران، على المناقشات في القمة المقبلة.

 ردود الفعل الأوروبية.. قلق وترقب

 يثير احتمال تشكيل حكومة بقيادة حزب التجمع الوطني المخاوف بشأن التزام فرنسا بمبادرات الاتحاد الأوروبي الجارية، وموقفها من الصراع الأوكراني.

 وبدوره علق أحد كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي قائلاً: "إن قرار ماكرون ليس مجرد قضية وطنية؛ بل يتردد صداه في أنحاء أوروبا جميعها".

وأضاف "المخاطر كبيرة، وما يترتب على ذلك من عواقب محتملة على وحدة الاتحاد الأوروبي وسياساته، ولاسيما تلك المتعلقة بأوكرانيا والاستقرار الاقتصادي" .

 التأثيرات على دعم أوكرانيا وديناميكيات الاتحاد الأوروبي

 أحد المخاوف الرئيسية بين الزعماء الأوروبيين هو مستقبل الدعم الفرنسي لأوكرانيا. بحسب الصحيفة.

وإذا وصل حزب بارديلا اليميني المتطرف إلى السلطة، فقد يعيد النظر في المساعدات الفرنسية لأوكرانيا أو يقلصها، وهو ما قد يقوض الجهود الجماعية للاتحاد الأوروبي في المنطقة.

من جانبه، شدد دبلوماسي من أوروبا الشرقية على أن "التحول في موقف فرنسا بشأن أوكرانيا يمكن أن يغير بشكل جذري إطار الدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي".

ويشعر القادة الألمان، من بين آخرين، بالقلق بشكل ملحوظ إذ تنبع مخاوف برلين من أن تؤدي حكومة يمينية متطرفة في فرنسا إلى تعطيل الاستقرار الاقتصادي وإضعاف المحور الفرنسي الألماني الذي يدعم الكثير من التوجه الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي.

 حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي

وأشارت الصحيفة أن حل ماكرون للجمعية يؤدي إلى فترة من عدم اليقين السياسي في فرنسا، وما يصاحب ذلك من عواقب اقتصادية كبيرة.

 ويشعر الاقتصاديون الأوروبيون وقادة الأعمال وأصحاب المصلحة، بالقلق إزاء السياسات المحتملة لحكومة التجمع الوطني. 

بدوره، سلط جان نويل بارو، الوزير الفرنسي لشؤون أوروبا، الضوء على هذه المخاوف في لقاءاته الأخيرة، مشيرًا إلى عدم الارتياح بين الشركات الأوروبية الكبرى فيما يتصل بالأجندة الاقتصادية لحزب الجبهة الوطنية.

 هتاف من روما واليمين المتطرف

ولكن في إيطاليا وفقًا للصحيفة، يُنظر إلى قرار ماكرون من خلال عدسة مختلفة، إذ تنظر حكومة جيورجيا ميلوني، المدعومة بالنجاح الانتخابي الأخير، إلى إضعاف السلطة التنفيذية الفرنسية بوصفها فرصة.

 ويرى حلفاء ميلوني من اليمين المتطرف، الذين يتطلعون إلى تعاون محتمل مع حزب الجبهة الوطنية، أن هذا بمنزلة فرصة استراتيجية لتعزيز نفوذهم داخل الاتحاد الأوروبي.

و صرح جيوفاني دونزيلي من حزب "أخوة إيطاليا" الذي تتزعمه ميلوني أن "إيطاليا القوية في أوروبا هي نتيجة مباشرة لضعف القيادة الفرنسية".

 مخاوف وسط وشمال أوروبا

 ويشعر زعماء وسط وشرق أوروبا، وهم من أشد المؤيدين لأوكرانيا، بانزعاج شديد إزاء الصعود المحتمل لحزب الجبهة الوطنية. 

وأعرب رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك ورئيس الوزراء الروماني مارسيل سيولاكو عن قلقهما إزاء المكاسب الانتخابية التي حققها اليمين المتطرف في فرنسا، خوفًا من حدوث تحول في الموقف الموحد للاتحاد الأوروبي ضد العدوان الروسي.

 وفي شمال أوروبا، تتراوح ردود الفعل بين الحيرة والقلق. 

وينتقد المعلقون الدنماركيون والسويديون خطوة ماكرون بوصفها محفوفة بالمخاطر، ومن المحتمل أن تعرض استقرار الاتحاد الأوروبي للخطر وتقوض الدعم لأوكرانيا. 

من جهتها، حذرت كاتبة الافتتاحية السويدية أنيكا ستروم ميلين من أن الاتحاد الأوروبي قد يدفع ثمنًا باهظًا إذا تحولت فرنسا نحو القومية والانعزالية.

وخلصت "لوموند" بالقول إنه بينما يستعد ماكرون لمخاطبة نظرائه في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، تظل العواقب المترتبة على مناورته السياسية الجريئة غير مؤكدة.

مشيرة أنه مع مراقبة أوروبا عن كثب، فإن نتائج الانتخابات المقبلة في فرنسا سوف تكون بالغة الأهمية، ولن تؤثر على مستقبل السياسة الفرنسية فحسب، بل على مسار الاتحاد الأوروبي كاملًا.