بينها ليبيا.. من أين "تتزود" جماعات الساحل الأفريقي بالسلاح؟

محمد الرخا - دبي - الجمعة 14 يونيو 2024 06:03 مساءً - ينشر مجرمون و"تجار الأزمات"، مثلما يوصفون في ليبيا، إعلانات جديدة تكاد تكون بشكل يومي عبر منصات التواصل الاجتماعي لبيع الأسلحة والمسدسات والقنابل اليدوية.

Advertisements

ويعكس ذلك المخزون الرهيب الذي حوّل البلاد إلى متجر مفتوح لبيعها، وهو ما يطرح تساؤلات حول حقيقة تسبّبها في تأجيج النزاعات الأمنية والقبلية في دول الجوار.

بنادق هجومية ومدافع رشاشة ثقيلة، وكذلك قذائف الهاون وقاذفات الصواريخ والمدافع المضادة للطائرات، كل شيء تقريبا معروض للبيع في ليبيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا في "فيسبوك"، أو عبر "واتساب".

والغريب أن بعض هؤلاء المتورطين لا يكلفون أنفسهم عناء إخفاء هوية حساباتهم وجعلها مجهولة المصدر، فيرى الزائر الملفات الشخصية لشباب يرتدون الزي العسكري يمثلون شرق أو غرب ليبيا. 

أخبار ذات صلة

صحيفة إسرائيلية: حماس استخدمت أسلحة وذخائر مهربة من ليبيا

أما متاجرون آخرون فيقدمون معلومات مستفيضة حول أصل الأسلحة مثلما يؤكد أحد الباعة الذي قال إن بنادق الكلاشينكوف من جمهورية التشيك، وقدّم سعراً يبلغ 740 يورو.

هذه الحقيقة الصادمة التي تغذي الصراع الليبي، لخّصها المبعوث الأممي السابق عبد الله باتيلي في آخر حوار له لموقع منظمة الأمم المتحدة في شهر مايو الماضي، بشأن انتشار المجموعات المسلحة في العاصمة طرابلس.

وقال باتيلي، إن ليبيا تكاد تكون "سوبر ماركت (متجر) مفتوح للأسلحة" التي تستخدم للمنافسة السياسية الداخلية بين المجموعات المسلحة، وأيضا في صفقات الأسلحة وسباق التسلح مع جيرانها.

وفي بلدان الساحل، المتأثرة بهذه الوضعية منذ تفجر التوترات في ليبيا قبل 13 سنة، أدى وصول الأنظمة العسكرية إلى السلطة إلى تجدد التوترات على المستوى الإقليمي.

وبالنسبة لمالي، على سبيل المثال، يشير تقرير دولي نشر في يناير 2024 إلى أن "الأسلحة التي تستخدمها الجماعات المتطرفة وصلت عبر التدفقات غير المشروعة الأخيرة من ليبيا".

ورجحت المصادر شراء الأسلحة الليبية من قبل جهات متطرفة في بوركينا فاسو أو النيجر، خاصة وأن الأخيرة تشترك في الحدود مع ليبيا وتشكل مكانا لعبور المتاجرين.

أخبار ذات صلة

تركيا تمنع تفتيش سفينة شحن لها يعتقد أنها تنقل أسلحة إلى ليبيا (فيديو)

وفي اجتماع عقد بالعاصمة باماكو، مساء الخميس، حول الأسلحة الصغيرة بهدف رفع مستوى الوعي بين السكان حول الآثار الضارة لانتشارها وتعزيز الحل السلمي للصراعات، قال المقدَّم أداما ديارا، السكرتير الدائم لمكافحة انتشار الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة في مالي، إن التداول غير المشروع للأسلحة النارية يشكل عاملا رئيسيا يهدد أمن البلاد والمنطقة العابرة للحدود.

وأشار إلى أن "ارتفاع معدل امتلاك المدنيين للأسلحة، أدى إلى تفاقم حالة انعدام الأمن في مالي وخاصة في المناطق الوسطى والشمالية".

أخبار ذات صلة

أمريكا: "فاغنر" تسعى لتمرير أسلحة عبر مالي

وأضاف أن "التدفق غير المحدود للأسلحة النارية من ليبيا منذ عام 2011، ساهم في تأجيج الصراعات المسلحة في مالي وزيادة التوترات على الصعيدين الإقليمي والوطني".

وتابع: "بالإضافة إلى ذلك، تنتشر المصانع المحلية لتصنيع الأسلحة، كاشفا أنه يوجد في مالي اليوم أكثر من 346 مصنعا للأسلحة الخفيفة".

 ويقلّل الليبيون من فرضية تحوّل بلادهم إلى منصة لتهريب الأسلحة إلى الدول الأفريقية خلال السنوات الأخيرة، خصوصا في سياق التوترات الجارية.

وقال الباحث في قضايا الجنوب الليبي موسى تيهوساي، في تصريح لـ"الخليج الان"، إن "ليبيا لم تعد مصدرا وحيدا للسلاح بالنسبة لمنطقة الساحل، وذلك منذ الخمس سنوات الماضية"، لكنه أشار إلى الانتشار الواسع لشبكات تجارة السلاح وازدهارها جنبا إلى جنب مع تجارة المخدرات العابرة للحدود، وأيضا بسبب عوامل أخرى أبرزها الهشاشة السياسية والأمنية في المنطقة ككل.

أخبار ذات صلة

الحويج يربط استقرار ليبيا بنزع سلاح الميليشيات وطرد المرتزقة

وكانت ليبيا في فترة الاستقرار النسبي في الساحل في أعوام 2011 حتى 2019 مزودًا شبه رئيسي للسلاح، بما في ذلك الذي ينتهي به المطاف في يد الجماعات الإرهابية المنتشرة في كامل منطقة الساحل الأفريقي على اختلاف أصنافها وأيدولوجياتها، وفق الباحث الليبي تيهوساي.

وأضاف تيهوساي، أن "ليبيا الآن هي واحدة من المناطق التي يشتري منها السلاح وليست الأكثر، بل تراجعت عمليات تدفق السلاح من ليبيا في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد اندلاع الصراع في السودان الذي حوّل منطقة الساحل وجزء واسع من القرن الأفريقي إلى كتلة من اللهب المشتعل والقابل للتوسع إلى أي منطقة في الاقليم كله".

أخبار ذات صلة

ليبيا.. تدفق لاجئين من السودان يثير خشية الاتجار بالبشر

من جانبه، ركز الباحث المصري المتخصص في الشؤون الدولية محسن عوض الله، على تدهور الوضع في منطقة الساحل الأفريقي التي أصبحت بؤرة فوضى وعنف؛ جراء تمدد نفوذ الجماعات المتطرفة مثل "داعش"، وجماعة نصرة المسلمين المسلحة، وضعف الحكومات المحلية بدول المنطقة.

وأكد عوض الله، لـ"الخليج الان"، أن ليبيا مثلت نقطة البداية لانتشار السلاح، ولكن الجماعات المتطرفة بدول الساحل أصبح لها مصادر أخرى للتزود؛ لأن الأزمة الليبية ومخازن القذافي مضى عليها 13 عاما.

واعتبر أن "الخطر الأكبر هو الصراع الدولي والتنافس على ثروات المنطقة، ومحاولة الدول الكبرى صناعة موالين لها داخل هذه الدول ومدهم بالسلاح لتأمين مصالحها".

وأكد أن مالي والنيجر الآن تأتيان بالسلاح من روسيا، ومجموعة "فاغنر" الروسية منتشرة أيضًا، وهي جزء من صراع النفوذ بالمنطقة، إلى جانب وجود قواعد أمريكية، معتقدًا أن السلاح ربما أسهل ما يمكن الحصول عليه بالمنطقة، خاصة مع الطابع القبلي الذي تتميز به هذه البلدان.