نجاح واشنطن في تشكيل حكومة ليبية محكوم بـ"ملفات شائكة"

محمد الرخا - دبي - الخميس 13 يونيو 2024 11:09 صباحاً - تشتد القبضة الحديدية داخلياً وخارجياً "الضاغطة" على الحكومة الليبية في طرابلس للتنحي عن السلطة وتشكيل حكومة تصريف أعمال.

Advertisements

وهذه المرة فالضغوط أمريكية مستفيدة من تولي ستيفاني خوري المبعوثة الأممية بالإنابة التي يُرتقب أن تشرع بعد أول إحاطة لها بمجلس الأمن الدولي يوم الـ19 من يونيو/حزيران الجاري في بعث حوار سياسي جديد يتوج بتشكيل حكومة موحدة.

ويرفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عبد الحميد الدبيبة الاستسلام بسهولة أمام مطالب مغادرة كرسي السلطة، أو الجلوس في طاولة المفاوضات لتغيير الوضع الراهن.

آخرذلك، رفض نتائج اجتماع عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة والبرلمان في مدينة مصراتة، وهو اللقاء الذي يمهد لاجتماع لاحق يجمع رؤساء المجلس الرئاسي محمد المنفي ومجلس النواب عقيلة صالح ومجلس الدولة محمد تكالة تحت رعاية الجامعة العربية في العاصمة المصرية القاهرة، وقد اتفقوا بالتركيز على تشكيل حكومة موحدة جديدة.

واستبق الدبيبة القمة الثلاثية بتوجيه رسائل مباشرة، دعا من خلالها إلى ضرورة الاتفاق على قوانين انتخابية عادلة تصل بالبلاد إلى الانتخابات، والابتعاد عما سمّاها المناورات للتمديد لأنفسهم في السلطة. وقال إن البلاد تحتاج إلى التوافق على قوانين انتخابية عادلة.

وتبدي واشنطن انفتاحا على تشكيل سلطة موحدة في ليبيا بمشاركة جميع الفاعلين الليبيين في العملية السياسية التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لإزاحة ما تبقى من عوائق أمام الانتخابات.

يأتي هذا انطلاقا من موقف مجلس الأمن الذي يعد أن الجمود السياسي بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة والحكومة المكلفة من مجلس النواب في الشرق الليبي، المحرك الرئيس لانعدام الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد.

وفي وقت تفيد فيه مصادر ليبية مطلعة أن ستيفاني خوري سوف تستنسخ تجربة سابقتها في المنصب المؤقت ستيفاني ويليامز بتشكيل لجنة حوار سياسي جديدة وتشكيل حكومة جديدة، انتهز الدبيبة جولة مشاوراتها التي أطلقتها القائمة بأعمال البعثة الأممية في ليبيا، لطلب وساطة بضع دول منها تركيا مع عاصمة شرق ليبيا لاستمرار حكومته في السلطة في طرابلس، مقابل إدخال تعديلات عليها.

ويكشف رئيس حزب المؤتمر الوطني الحر في لببيا، فتح الله بشير السعداوي عن إقرار ستيفاني خوري خلال آخر لقاء بالأحزاب الليبية عن توجه بعد الإحاطة المرتقبة لها لتشكيل هيئة حوار جديدة شبيهة بلجنة حوار جنيف التي تشكلت بعد مفاوضات امتدت لعدة أشهر وتوصلت لحكومة ومجلس رئاسي.

وقال فتح الله في تصريح لـ"الخليج الان"، إن واشنطن استلمت الملف الليبي بعدما ظل في يد الفرنسيين والإيطاليين دون إحداثهما اختراقا، وسوف تسعى لدفع جهود التوصل لاتفاق حول سلطة تنفيذية موقتة ليس رغبة في حل الأزمة المستعصية، لكن الأمر يتعلق بالتمهيد لتشكيل برلمان جديد وجهة موحدة تكون قادرة على إصدار قرار حازم بخروج جميع القوات الغربية من ليبيا، خاصة الروس الذين حولوا البلد الى منصة لوجستية للتمدد في العمق الأفريقي.

وفي رأي السياسي الليبي، فإن بلوغ هذا الهدف يمكّنها بسهولة من تضييق الخناق على موسكو في كامل القارة، مستدلا بالتقارير الأمريكية التي تتحدث عن أسباب زيارات متتالية لكبار المسؤولين الروس إلى شرق ليبيا، إلى جانب وصول معدات عسكرية تم تحويلها إلى النيجر وبوركينافاسو.

ومن جانبه، يقول المحلل السياسي الليبي حسام الدين العبدلي في تصريح خاص لـ"الخليج الان"، إن واشنطن ودعمها لتشكيل حكومة في هذا التوقيت بالذات يمتاز بالجدية أكثر من أي وقت مضى، حيث تتطلع لحكومة شرعية يمكن لها من خلالها أن تتواصل معها لمحاولة حل مشكلات كبيرة، والولايات المتحدة من أهم مشاكلها الموجودة حاليا هي زيادة النفوذ الروسي في ليبيا.

لكن العبدلي استدرك بأن لحضور موسكو عدة أسباب، بعدما أخذت الولايات المتحدة خطوات إلى الخلف لصالح الأوروبيين وتركت ليبيا في مواجهة مصيرها. وأوضح أن "واشنطن في السابق كانت داعمة لتكريس الانقسام السياسي في ليبيا، وهو ما لوحظ في عدم الجدية في توحيد الشرق والغرب؛ ما أنتج وجود قوات أجنبية في البلاد".

والآن ليس لها أي حل سوى إيجاد سلطة موحدة، لكن لنجاح مهمتها يشترط المحلل السياسي شرطين، وهما "تواصلها مع الأطراف الليبية النافذة، وهما روسيا وتركيا، إذ لدى أنقرة في التحالف مع الغرب الليبي مصالح تختلف عن المصالح الأمريكية".

ولدى محاولة تشكيل فيلق أوروبي ليبي له ولاء للأمريكيين، اعترض الأتراك على هذا المشروع والتوجه. وعدّت أنقرة أنه يهدد وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه في عام 2020.

وحسب حسام العبدلي يتطلب من الحكومة الموحدة أن تكون مدعومة من المجتمع الدولي والولايات المتحدة ولها شيء من الرضا عنها، وأيضا لا تحظى بالرفض من الأتراك والروس حتى تنجح، وتكون لها سيطرة على الأرض وكلمتها مسموعة.