محمد الرخا - دبي - الخميس 13 يونيو 2024 11:09 صباحاً - كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المعروف بـ "البريكيست"، هو الوعد الذي تكرر إلى حد الملل، وقاد حزب المحافظين بزعامة بوريس جونسون إلى تحقيق فوز ساحق في انتخابات بريطانيا عام 2019.
وبحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية، فإنه "بعد مرور 4 سنوات ونصف السنة، فإن هذا الموضوع، الذي ظل فترة طويلة القضية الحاسمة في سياسة المملكة المتحدة، لم يظهر إلا بالكاد في حملة هذا الصيف".
وبالكاد يأتي كير ستارمر، المنتمي لحزب "العمال" ويتقدمه بفارق 20 نقطة مئوية في متوسط استطلاعات الرأي، على ذكرعلاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي، إلى الحد الذي اضطر معه إلى أن ينكر في مقابلة أجريت معه مؤخراً أنه كان خائفاً من الحديث عن هذه القضية.
ولا يطمح حزب "العمال" إلى أي تغيير كبير في وضع المملكة المتحدة خارج الاتحاد الأوروبي، رغم أن ستارمر قال إنه مصمم على بناء علاقة "أوثق وأفضل" مع الكتلة المكونة من 27 دولة، بينما اتهم جونسون بإبرام "صفقة فاشلة" في سياسته المتسرعة للخروج.
وتساءل أناند مينون مدير مركز "المملكة المتحدة في أوروبا المتغيرة" البحثي: "إذا كنت متقدمًا إلى هذا الحد، فإن كل ما تفعله ناجح، فلماذا تغيره؟".
وقال: "هناك شعور بالتوتر الكامن؛ لأن ستارمر يشعر بأنه عرضة للهجوم باعتباره مؤيدًا سابقًا للبقاء في الاتحاد الأوروبي، ومناهضًا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويحتاج حزب العمال إلى التمسك بالناخبين المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
وقالت الصحيفة "رغم أن الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أُجري في يونيو/حزيران 2016، وأدى إلى تصويت بفارق ضئيل بنسبة 52% لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي، إلا أنه لم تكن هناك خطة واضحة لتنفيذه".
وأضافت: "أطلق ذلك العنان فترة من الاضطرابات السياسية التي لم تنته إلا عندما سيطر جونسون على حزب المحافظين وفاز في انتخابات عام 2019".
ووفق التقرير، "في الفترة التي سبقت ذلك التصويت، ضغط ستارمر، الذي كان آنذاك المتحدث باسم الحزب بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، على حزب العمال لدعم إجراء استفتاء ثانٍ، قائلاً: سنقوم بحملة من أجل البقاء".
ويذهب "الصمت حيال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، كما يصفه مينون، إلى أبعد من ذلك. فرئيس الوزراء ريشي سوناك متردد في الحديث عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويعود هذا جزئياً إلى استجابة لحقيقة مفادها تناقص أعداد البريطانيين الذين يعتقدون أن مغادرة الاتحاد الأوروبي كانت فكرة جيدة، وسط قصص متكررة تؤكد على مشاكل التنفيذ.
وفي الوقت نفسه، ليس لدى المحافظين الكثير مما يمكن الإشارة إليه فيما يتعلق بنجاحات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال جو تويمان، مؤسس شركة "دلتا بول" لاستطلاعات الرأي: "في العام الماضي، عندما طلبنا من المشاركين تسمية أي فائدة محددة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتمكن واحد فقط من كل 10 من ذكر أي فائدة محددة للبلاد، ولم يتمكن سوى واحد من كل 20 من ذكر أي فائدة محددة لهم ولعائلاتهم".
وقال جيمس ستاركي، عضو المنظمة الرئيسية المؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "ليف"، ومستشار 3 وزراء في حكومة المحافظين: "لم يدخل سوناك السياسة للحديث عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو الهجرة ولم يقتنع قط بهما بشكل صحيح".
وأضاف: "الكثير من سياسات المحافظين بشأن كلتا القضيتين لم تؤت ثمارها حقًا، ومع إحجام حزب العمال عن التركيز على أي من القضيتين، يبدو الأمر كما لو أن كلا الحزبين قد توصلا إلى اتفاق بعدم الحديث عن أي من الموضوعين".
وحتى الحزب الثالث في المملكة المتحدة، وهو الحزب الديمقراطي الليبرالي الأكثر حماسة تقليديا لأوروبا، بالكاد يذكر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وهذا الأسبوع، أطلق الحزب بيانه السياسي الذي يؤكد على الوعد بزيادة الاستثمار في الخدمات الصحية في بريطانيا، وهو تناقض ملحوظ مع بيانه لعام 2019 عندما التزم بعكس نتيجة التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ولكن ربما تكون القضية الأكثر أهمية التي تكمن وراء صمت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هي فتور همة الناخبين.
وكان فوز جونسون في عام 2019 يستند جزئياً إلى الإرهاق الشديد بسبب قضية هيمنت على التغطية الإعلامية على مدى السنوات الثلاث السابقة، لأسباب ليس أقلها أن الانتخابات التي أجريت بعد التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في عام 2017، أنتجت برلماناً دون أغلبية لحزب واحد.
وقال مينون: "إذا قمت بعمل مناقشات جماعية مركزة وذكرت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن أكبر رد فعل تحصل عليه من الناخبين هو التثاؤب والنظر".