13 يونيو 2024, 6:56 ص
صلاح قعشة
قطرة إثر أخرى.. يراقب الأب محمد عبد الغني عبدالسلام، انسياب سائل العلاج الكيماوي، إلى جسد ولده "ميثاق" المصاب بالسرطان، والبالغ من العمر سنتين وأربعة أشهر، فيما ذهنه يحسب تكلفة الانتقال من مديرية المخاء الواقعة على بعد 100 كيلومتر، غربي مدينة تعز، وما تبقى لديه للعودة.
رحلة نقل محمد لولده المصاب وزوجته مرة شهرياً إلى تعز لتلقى جرعة العلاج الكيماوي، تكلّف مايعادل (68) دولاراً، في حين كانت في السابق لاتكلف سوى "دولاراً وربعًا"!..
في مأساةٍ تجسِّد إحدى نتائج "الحصار الحوثي" على مدينة تعز، والذي بدأ منذ تسع سنوات مضت..
حصار "تعز" تجاوز بطوله حصار مدينة " ستالينجراد" الروسية، ليتعدّى "3000" يوم، منذ أبريل 2015، عندما أغلق الحوثيون منافذها ومرافقها الحيوية.. وتأثرت بذلك حياة 2 مليون مدني، في تعز بشكل كارثي نتيجة هذا الحصار.. حيث توقفت الخدمات الأساسية، وانقطعت الإمدادات من الغذاء والدواء والوقود، وارتفعت الأسعار بشكل مفرط.
فيما دمرت البنية التحتية، والمنشآت، وأغلقت الطرق، وارتفع نزيف الأرواح بالقصف اليومي والقنص والألغام..
ورغم ذلك تخضع ميليشيا الحوثي ملف "تعز" الإنساني للمزايدات والمقايضات السياسية، رغم كونه الملف الثالث الذي جرى بحثه في مشاورات ستوكهولم عام 2018، ورغم أكثر من 12مبادرة مجتمعية سابقة..
وبسبب الحصار ووعورة الطرق البديلة، خسرت محافظة تعز عدة مشاريع حيوية، أبرزها محطة أوكسجين بقدرة 300 أسطوانة يومياً مقدمة من دولة الكويت؛ ماتسبب بوفاة العديد من المصابين بوباء كورونا.. كما خسرت مشروعين لبناء مركزين للأطراف الصناعية، أحدهما لفئة الأطفال.
وتشهد المدينة التي يقطنها مليونا شخص، جراء الحصار، أزمة مياه خانقة تصل إلى 75% من احتياج السكان، بانخفاضها من ستة ملايين لتر مكعب سنوياً إلى حوالي 600 ألف لتر مكعب..
وأدى تدمير 50% من شبكة الطرق، بارتفاع مدة وتكاليف انتقال المواطنين من منطقة الحوبان القريبة إلى وسط مدينة تعز من عشر دقائق إلى مايزيد على 8 ساعات، ومن ما يعادل ستة بنسات أمريكية، إلى مايقارب العشرة دولارات، في طرق جبلية وعرة وشديدة الخطورة..
أما نقل البضائع، فقد شهد زيادة طول المسافة بمعدّل 1000%؛ ما أدى لارتفاع الأسعار أربعة أضعاف مقارنة بالمناطق المحررة.