"إذا فاز".. "اليمين المتطرف" يهدد العلاقة بين فرنسا والجزائر

محمد الرخا - دبي - الخميس 13 يونيو 2024 10:06 صباحاً - تسود حالة من القلق في فرنسا، كما في الجزائر، وسط الاستعدادات للانتخابات الفرنسية التي قد تقلب نتائجها الطاولة على التفاهمات السابقة بين البلدين، إذا فاز "اليمين المتطرف" وسيطر على البرلمان والحكومة.

Advertisements

وبدأ "اليمين المتطرف"، فعلياً وفي وقت مبكر، بالتهديد بإعادة النظر في اتفاقية الهجرة الموقعة بين الجزائر وباريس عام 1968.

وفي غضون 4 أسابيع، يمكن أن يكون لدى فرنسا حكومة يمينية متطرفة لأول مرة في تاريخها، ما قد يؤثر بشكل كبير على العلاقة المعقدة مع الجزائر.

وفاز التجمع الوطني اليميني في الانتخابات الأوروبية في فرنسا حاصدا 31,36% من الأصوات ومتقدما بفارق كبير عن المعسكر الرئاسي الذي أيده 14,6% من الناخبين.

كما تصدّر التجمع الوطني نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية الفرنسية المبكرة بنسبة 34%، أي بزيادة قدرها 15 نقطة عن نتائجه قبل عامين، وفق استطلاع نشر غداة إعلان حل الجمعية الوطنية.

وقرر رئيس حزب الجمهوريين اليميني إريك سيوتي التحالف مع التجمع الوطني اليميني في الانتخابات التشريعية المقررة على دورتين في 30 من الشهر الجاري و7 يوليو المقبل.

وأعربت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسية، مارين لوبان، عن استعدادها لتولي السلطة في فرنسا، في ضوء الانتخابات المبكرة التي أثارها الفوز الساحق الذي حققه حزب "التجمع الوطني" في انتخابات البرلمان الأوروبي.

وقالت لوبان في باريس: "نحن مستعدون لممارسة السلطة إذا وضع الشعب الفرنسي ثقته فينا في هذه الانتخابات البرلمانية المقبلة"، وفقا لوسائل إعلام فرنسية.

وفي فرنسا، أثار صعود اليمين المتطرف قلقا كبيراً لدى الجزائريين الذين يتجاوز عددهم 8 ملايين شخص يعيشون في فرنسا، ويخشون أن تؤدي سياسات اليمين المتطرف إلى جعل حياتهم أكثر خطورة وتعقيداً في فرنسا، ولطالما سلط اليمين المتطرف الضوء على تعديل الاتفاقيات الثنائية.

وبالفعل، في اليوم التالي لفوز قائمة حزب جوردان بارديلا في الانتخابات الأوروبية، وعد المتحدث باسم حزب التجمع الوطني، سيباستيان تشينو بتقديم مقترح لإلغاء الاتفاقيات الثنائية الفرنسية الجزائرية لعام 1968، والتي يعتبرها في صالح الجزائريين. وتنظم هذه الاتفاقيات حركة المواطنين الجزائريين وتوظيفهم وإقامتهم في فرنسا وتمنحهم وضعاً خاصاً على خلاف الجنسيات الأخرى.

وبالنسبة لمراقبين، فإن هناك مستفيداً واحداً من الدفع إلى خلق أزمات دبلوماسية كما هو الحال بين الجزائر وباريس، وهم الأمريكيون.

ويعتقد المحلل السياسي والأستاذ في جامعة باريس عماد الدين الحمروني، أن هناك تغييراً داخلياً في ألمانيا وفرنسا، وبروز أحزاب اليمين المتطرف التي ربما ستصل إلى السلطة، غير أن التوازن السياسي لم يتغير كثيرا على المستوى الأوروبي.

ويشكك الحمروني في تصريح لـ"الخليج الان" في الجهات التي تقف وراء التطورات الأخيرة في أوروبا، مرجحاً أنها عملية استخباراتية أنجلوسكسونية للإعداد لحرب قادمة مع روسيا وتوريط هذه الأحزاب وضرب مصداقيتها.

وليس ملف التأشيرات وتنقل الأشخاص محور الخلاف المتكرر بين البلدين فقط، بل قضايا تتعلق بالتاريخ والذاكرة، وأيضا مطالبة باريس بالاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها خلال العهد الاستعماري وهي المسألة التي أجهضت زيارة الرئيس عبد المجيد تبون عدة مرات إلى فرنسا والمقررة هذه المرة في الخريف المقبل.

وبالعودة إلى السياق السياسي، يشير أستاذ التاريخ في جامعة الجزائر آدم مقران إلى امتحان دبلوماسي قد لا يتجاوزه البلدان في حال صعود اليمين المتطرف إلى الحكومة.

وقد سبق أن وصف جوردان بارديلا جبهة التحرير الوطني الجزائرية المقاومة (الحزب الموالي للسلطة حاليا) خلال فترة الاستعمار الفرنسي ( 1830 – 1962) بأنها "منظمة إرهابية ارتكبت هجمات ضد فرنسا، ما يبعث بإشارات سلبية عن رفضه تقديم التوبة عن تلك الحقبة السوداء والعودة بملف التاريخ إلى الوراء".

وقال مقران لـ"الخليج الان" إن هذا التيار يحمل ضغينة كبيرة للجزائر والجزائريين رافضاً أي مصالحة تاريخية تتعلق بإعادة الأرشيف الفرنسي أو تقديم التعويضات ويحتج على لجنة الذاكرة التي شكلها رئيسا البلدين قبل عامين والمرتقب أن يكون لها اجتماع الشهر القادم.

وقد سبق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، التأكيد على أن ملف الذاكرة بين الجزائر وفرنسا "لا يقبل التنازل والمساومة" و"تجب معالجته بجرأة لاستعادة الثقة بين البلدين".

وأوضح تبون في ذكرى مجازر 8 ماي 1945 إن "ملف الذاكرة لا يتآكل بالتقادم أو التناسي بفعل مرور السنوات، ولا يقبل التنازل والمساومة، وسيبقى في صميم انشغالاتنا حتى تتحقق معالجته معالجة موضوعية، جريئة ومنصفة للحقيقة التاريخية".