12 يونيو 2024, 6:10 ص
زلزال الانتخابات البرلمانية الأوروبية جاء بمنزلة لكمة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي بنى صعوده السياسي على مجابهة اليمين المتطرف وتخطّي الأحزاب التقليدية يمينًا ويسارًا.
ماكرون الذي أخذ يطرح نفسه زعيمًا لأوروبا، بعد أن تحوّل من حمامة إلى صقر في تعامله مع الملف الأوكراني.. و قمّته مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، جعلته رقمًا رئيسيًا في السياسة الدولية والمحاور الطبيعية لأمريكيا أوروبيًا.
ذلك كله تبخّر مع إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الأوروبية.. ليفرض التجمع الوطني نفسه بوصفه أول قوة سياسية في فرنسا على أعتاب السلطة.
بعد أقل من ساعة من نتائج الانتخابات وبشكل غير متوقع، ظهر ماكرون على شاشات التلفزة؛ ليعلن حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة بجولتين في 30 يونيو و7 يوليو.
ومنذ تلك اللحظة، القراءات والتحليلات كلها التي أعقبت قرار ماكرون صبّت في اتجاه واحد "مقامرة غير محسوبة النتائج، جنون ورهان خاسر، وربما فتح أبواب قصور الجمهورية أمام اليمين المتطرف".
يقول خبراء: إذا كان رهان الرئيس الفرنسي الذي تنتهي ولايته الثانية في ربيع 2027 يقوم على اعتبار أن الانتخابات الجديدة ستوفر له أكثرية برلمانية لم يحصل عليها في انتخابات العام 2022 التشريعية؛ فإن رهانه خاطئ، ماكرون اتّخذ قرارًا "متسرّعًا" لا بل إن مسؤولين سياسيين اعتبروا أنه خضع لطلب بارديلا لحلّ البرلمان، بينما أعلنت زعيمة التجمع الوطني أن حزبها جاهز لتسلم قيادة البلاد.
ماكرون يراهن على قدرة الفرنسيين بالاختيار الأفضل لبلادهم في الانتخابات القادمة وفقًا لكلمته الأخيرة، ما يعني عمليًا أن ينتخبوا مرشحي الأحزاب غير المتطرفة، سواءً من اليمين أم اليسار أيضًا، ولكن ماذا لو كسب اليمين المتطرف الانتخابات؟
هو الاحتمال الذي يربك ساسة باريس، ما سيُلزم ماكرون باستدعاء جوردان بارديلا إلى تشكيل الحكومة القادمة التي ستحل محل حكومة غبريال أتال، إذ يكون للسلطة التنفيذية رأسان غير متناغمين، وسبق أن جرّب ذلك في الماضي رئيسان هما الاشتراكي فرنسوا ميتران، واليميني جاك شيراك.
ولكن سبق لماكرون أن نجح سابقًا في اجتذاب أعداد قليلة من اليمينيين الذين يرغبون الحفاظ على مقاعدهم، من هنا فإن الأيام القادمة ستشهد مساومات وصفقات من فوق الطاولة و من تحتها.
و فرنسا بعد الزلزال قادمة على مرحلة من الضبابية والتحولات التي يصعب التنبؤ بمآلاتها، ولكن الثابت فيها أن طموحات ماكرون في الحصول على الأكثرية بعيدة جدًا عن الواقع، وتاليًا فإن أيامًا صعبة تنتظره للأعوام الثلاثة المتبقية له في قصر الإليزيه.