"مغتربون".. مسلسل جديد يطرح أسئلة الحرب في سوريا

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 12 يونيو 2024 09:07 صباحاً - ما إن طُرح برومو مسلسل "مغتربون" حتى بدأ الترقب لدى المشاهدين خاصةً أنه كان بمثابة إعلان عن عودة كاتب السيناريو الكبير نجيب نصير بالشراكة مع رامي عمران ضمن هذا العمل الذي يتناول عبر 30 حلقة موضوعات لها علاقة بتأثيرات الحرب على المواطنين السوريين، وتبعات النزوح واللجوء على الصعيد الاجتماعي، والنفسي، والسياسي، والاقتصادي.

Advertisements

ويعالج العمل قضايا اللجوء بلغة درامية جديدة تحمل في كل حلقة موضوعًا خاصًا، تتم معالجته بأسلوبية مكثفة تحمل في طياتها الكثير من الأسئلة عن واقع السوريين الجديد، ومآلات أحزانهم، وأحلامهم، وآمالهم.

تبدأ شارة العمل بما يشبه السلاسل الوثائقية من خلال إحصائيات (12 سنة من الحرب، 7.2 مليون نازح، 2 مليون في المخيمات، 1300 مخيم، 6.5 مليون لاجئ) ليستعرض بعدها الشخصيات الثلاث الرئيسة في المسلسل من خلال ملفات اللجوء الخاصة بهم: وهم فؤاد (أيمن عبد السلام)، وزوجته داليا (ريام كفارنة)، وأخوها هيثم (لجين إسماعيل).

أخبار ذات صلة

شكران مرتجى لـ"الخليج الان": "لعبة حب" شغلني عن دراما رمضان

وجاءت الحلقة الأولى بعنوان "النزوح"، إذ بعد تهدُّم منزل فؤاد وداليا ذهبا إلى منزل هيثم، لتشتعل بين الأخ وزوج أخته حرب المصطلحات، بين الهارب والنازح واللاجئ، وبين الضحية والجلاد، بحيث يصدق التعريف بهذه الحلقة الذي جاء فيه "رغم أنهم جميعًا يعرفون ماذا حدث، ومتفاهمون على ضرورة النجاة، إلا أن الخلاف على اليافطات والعناوين يمزقهم. إنهم شركاء في المصيبة لكنهم غرماء في تعليبها وتسويقها".

وفي ثاني الحلقات التي حملت عنوان "زي عود الكبريت" تكاشف داليا المحامية المسؤولة عن ملف اللجوء (سهير صالح) بأنها بسبب الخوف من القصف على منزلها فقدت طفلتها التي كانت حاملاً بها في شهرها السادس، وكانعكاس لذلك باتت حساسة تجاه أي موضوع يتعلق بالأنثى، وتستذكر أنها عندما سمعت أصوات شجار في الشارع أمام بيت أخيها، يُهدِّئها هيثم بإخبارها أنه اعتاد على جارهم وهو يضرب أخته باستمرار، لأنها تعيش بحريتها وهذا لا يعجبه، ورغم محاولة داليا دفع أخيها وزوجها للتدخل أو إخبار الشرطة، إلا أن النأي عن النفس كان سمتهما المشتركة.

وتتناول هذه الحلقة التساؤل المتعلق بالعائلة هل هي حماية أم سلطة؟ وتناقش التناقض والازدواجية التي تحصل في مفاهيم النخوة، والشجاعة، والشهامة، عندما يتعلق الموضوع بنا وبعائلاتنا أو إن كان بعيدًا عنا، لتتحول الحقائق إلى نقيضها، والقناعات إلى عكسها، في ظل ظروف والتزامات نرضاها على غيرنا ولا نرضاها على أنفسنا. 

أخبار ذات صلة

نجمة مسلسل "غزالي المدلل" تتعرض لـ"موقف غريب"

الحلقة الثالثة جاءت بعنوان "الإشارة غير جيدة"، وفيها استمرار لازدواجية القناعات، فرغم أن هيثم كان يحلم بالزواج من أجنبية، ومستعد للتخلي أو التنازل عن الكثير مما يقتنع به سواء على صعيد العمر أو الشكل أو حتى الطائفة، إلا أن الموضوع ينقلب إلى ضده عندما يتعلق بأخته اللاجئة (لانا الحلبي) عندما تخبره بأنها على علاقة مع شخص من دين آخر، ويحضّران، الآن، للزواج، ليصبح وكأن جنيًا تلبَّسه وبات شخصًا غير متسامح البتة مع الموضوع.  

بمعنى أن المنطق الذي نراه صحيحًا على أنفسنا يصبح مقلوبًا فيما يتعلق بالآخرين، وهنا يبرز التساؤل: هل هو الخوف من معنى خياراتنا أم من تمظهراتها التي تشكل صورتنا أمام الآخرين؟ وهل علينا البحث عن مجتمع آخر؟ أم علينا إصلاح مجتمعنا؟

مسلسل "مغتربون" الذي يشرف على تنفيذه الليث حجو، مُبشِّر في صياغاته الدرامية، ورغبته في طرح الأسئلة، التي على بساطتها، إلا أنها تحمل الكثير من المعاني، ويستثمر المخرج عمار العاني فيه بلاغة الصورة، والتركيز على أداء الممثلين وعفويته في تبنيهم لشخصياتهم، وانقلاباتهم النفسية، مستفيدًا من إدارة تصوير وائل عز الدين في تحقيق جماليات إضافية، ومن موسيقى حازم العاني في إضفاء حقيقية على المشاهد.