خبراء: أسعار العقارات في سوريا تضاهي طوكيو

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 11 يونيو 2024 06:07 مساءً - ارتفعت أسعار العقارات في سوريا، بشكل خيالي خلال السنوات السابقة، الأمر الذي دفع الخبراء إلى القول إنها باتت تضاهي الأسعار في العاصمة اليابانية طوكيو، الأغلى في العالم، مقارنة مع مستوى دخل الفرد.

Advertisements

ومن خلال عملية حسابية بسيطة، يبلغ راتب الموظف في سوريا قرابة 400 ألف ليرة، أي "25" دولارًا شهريًّا تقريبًا، بينما لا يقل سعر أرخص منزل في ريف دمشق، عن 150 مليون ليرة، "10.344" دولار.

عمارات سكنية في سورياالخليج الان

وعلى افتراض أن المواطن تمكن من توفير مبلغ بسيط من راتب الـ"25" دولارًا، الذي لا يكفي تكاليف معيشته الشهرية، فهو يحتاج للعيش قرابة 400 عام، يوفر فيها كل شهر 3 دولارات، ليتمكن من شراء منزل، إذا بقيت الأسعار ثابتة على ما هي عليه اليوم.

التضخم رفع سعر الأبنية

ويربط الدكتور عمار يوسف، ارتفاع أسعار العقارات، بالتضخم وانخفاض قيمة الليرة السورية، ويشير إلى انخفاض هذه الأسعار إذا حُسبت بالدولار.

وأضاف لـ"الخليج الان" قائلًا: "التضخم ارتفع، وليست العقارات، فاستنادًا إلى الدولار، يمكن القول إن الأسعار انخفضت قرابة 50% منذ بداية الحرب، فالبيت الذي كان بمليون دولار أصبح اليوم بـ 500 ألف".

وتحدث يوسف عن الارتفاع غير المنطقي لأسعار العقارات، مقارنة بالليرة السورية، إذ ربطه بالتضخم وانخفاض القدرة الشرائية عند المواطن السوري، مشيرا إلى أن "هذا الارتفاع، أخرج العقارات من الاستثمار، فكل من يشتري عقارًا اليوم، يخسر".

وأرجع الباحث الاقتصادي عامر شهدا، الارتفاع الكبير بأسعار العقارات إلى أرقام التضخم المتصاعدة منذ بداية الحرب حتى اليوم.

وقال لـ"الخليج الان" إن "أهم سبب لارتفاع أسعار العقارات هو التضخم، فمنذ عام 2011 لغاية 2024، بلغ التضخم نسبة 16500% وبالتالي كان من الطبيعي أن ترتفع الأسعار".

عقارات في سورياالخليج الان

ويشير شهدا، إلى أخطاء على صعيد إدارة الاقتصاد السوري، ويصفه بغير الصحي، والمبني على قواعد ليست صحيحة، أدت إلى تفاقم الأمر.

وأضاف قائلًا: "ضعف السياسة النقدية وفشلها في الحد من التضخم، أثرا على القوة الشرائية لليرة السورية، كما أدى استمرار التضخم إلى وجود حالة الاقتصاد التراكمي التضخمي، الذي سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير حكمًا".

400 سنة وربما أكثر

ولا يرى الدكتور عمار يوسف، أن تحديد زمن 400 سنة دقيق، فهناك الكثير من العوامل تتحكم في الأمر.

وقال: "تصح الـ 400 سنة، عندما يثبت سعر العقار ولا يتعرض للارتفاع خلال هذه المدة.. الارتفاع متصاعد وسرطاني بالنسبة لليرة السورية، وذلك بسبب التكاليف الكبيرة للبناء، وعدم وجود أراض منظمة للبناء، وغياب مشاريع السكن الحكومية الخاصة بالمواطنين".

وشدد الباحث عامر شهدا، على أن ارتفاع العقارات في سوريا، ليس ناتجًا عن زيادة الطلب، بل بسبب زيادة التضخم.

وتابع قائلًا: "يجب أن تتدخل الحكومة في مسألة ارتفاع أسعار العقارات؛ لأن غلاءها لا يشجع أصحاب رؤوس المال على دخول السوق السورية، فالأرباح الضئيلة عائق أمام الاستثمار، كما أن ضعف دخل المواطن وتراجع قدرته الشرائية يؤثران على الاستثمار أيضًا".

أبنية سكنية في سورياالخليج الان

غياب الدراسات الإستراتيجية

ويشير شهدا إلى غياب الدراسات الحقيقية لتكلفة الأبنية، وانتشار "التسعير الكيفي" غير المستند لقاعدة اقتصادية.

وأوضح بأن "سوريا تحتاج لمراجعة سياساتها النقدية والاقتصادية والمالية، وإعادة هيكلة منظوماتها، في إطار ما وصل إليه الاقتصاد العالمي، وليس على أساس الاقتصاد الاشتراكي"، مؤكدًا على ضرورة أن "تُبنى المنظومات على أساس الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق الاجتماعي".

لكن الدكتور يوسف، عاد إلى تأثير الحرب العسكرية والاقتصادية، وتداعياتها الكبيرة على سوق العقارات، مشيرا إلى أن "الحرب على سوريا، أخرجت نصف العقارات السكنية من الخدمة، بسبب التدمير الكامل أو الجزئي، إلى جانب تدمير البنى التحتية، في حين أن الكارثة كبيرة بالنسبة للعقارات الصناعية والتجارية والزراعية.

وبين يوسف بأنه "رغم انتهاء معظم الحرب العسكرية، إلا أننا الآن في قلب الحرب الاقتصادية، فهناك قانون قيصر ومنع التعامل مع السوريين، وكل هذا يؤثر على الموضوع العقاري".

عقارات في سورياالخليج الان

أما على صعيد الحلول، فالخيارات تبدو صعبة أمام الحكومة السورية، خاصة في العقارات، حيث قال يوسف: "نحن عاجزون عن إيجاد الحلول، للأسف بالنسبة للعقارات والسكن، بسبب الأوضاع الاقتصادية والحرب التي شُنت على سوريا، وتداعياتها في موضوع ضعف القدرة الشرائية للمواطنين".

وتابع قائلًا: "حلم الحصول على منزل، تحول إلى كابوس عند الشباب السوري، ويضطر الأب أحيانًا، لتخصيص غرفة لابنه في بيت العائلة، تسهيلًا لزواجه كحلّ مؤقت، لكن بوادر حل مشكلة السكن، لا تظهر حتى الآن في الأفق المنظور".