عقبات وتعقيدات.. الغموض يكتنف خارطة الطريق الأممية في اليمن

محمد الرخا - دبي - الأحد 9 يونيو 2024 10:06 صباحاً - لا يزال الغموض يكتنف مصير خارطة الطريق التي تعتزم الأمم المتحدة وضعها، تمهيدًا لانطلاق عملية سياسية جامعة في اليمن، تهدف للوصول إلى سلام مستدام، في ظل تعدد العقبات التي تعترضها على الصعيد المحلي، وتعقيدات الوضع المتأزم في المنطقة.

Advertisements

وأعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانز غروندبرغ، أواخر العام الماضي، موافقة الأطراف اليمنية، على الالتزام بمجموعة تدابير، تتضمن وقفًا لإطلاق النار في عموم أنحاء البلاد، علاوة على إجراءات لتحسين الظروف المعيشية، ودفع رواتب القطاع العام جميعها، واستئناف الصادرات النفطية وفتح الطرقات؛ لتأمين التوصل إلى اتفاق حول خارطة طريق تضعها الأمم المتحدة، "تنهي الحرب وتفتح طريقًا نحو السلام العادل".

منذ ذلك الحين، يواصل المبعوث الأممي رحلاته المكوكية بين الأطراف اليمنية، دون التوصل إلى نتيجة، في ظل التطورات التي يشهدها الإقليم، وانعكاسها على الوضع الداخلي في اليمن، بعد تصعيد ميليشيا الحوثي من هجماتها العسكرية ضد السفن في ممرات الملاحة الدولية، ما عقّد من فرص تحقيق أي اختراقات في خارطة الطريق.

 وقف الهجمات

ولا يخفي غروندبرغ، في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن الدولي، منتصف الشهر الماضي، انزعاجه من "الوضع الهشّ في المنطقة"، الذي أفرز تحديات "لا تزال تعرقل التقدم في اليمن"، فضلًا عن التصعيد الداخلي وتهديدات الحوثيين بالعودة إلى الحرب.

ونقلت صحيفة "بلومبرغ" الأمريكية، الجمعة الماضية، عن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية لم تُسمّه، أن "واشنطن أبلغت الأطراف المعنية في اليمن، أن خارطة الطريق الأممية لاتفاق السلام في اليمن، لا يمكن أن تستمر إلا إذا أوقف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر".

وذكرت الصحيفة، أن تعليق اتفاق السلام في اليمن "من الممكن أن يؤدي إلى التراجع عن الهدنة الهشّة وأن يعيد القتال البرّي بين الحوثيين والحكومة الشرعية في البلاد".

ميتة سريريًا

ويؤكد وكيل وزارة الإعلام اليمنية، أسامة الشرمي، أن العملية السياسية "تكاد تكون معلقة بشكل تام في الوقت الراهن على الأقل إلى إشعار آخر؛ إذ لا حديث عن خارطة سلام ولا حديث عن استكمال مشروع الهدنة الأممية التي كان يجري الحديث عنها مسبقًا، أو التوقيع على الأوراق التي تُتداوَل بين الحين والآخر على وسائل الإعلام".

وقال الشرمي في تصريح لـ"الخليج الان"، إن عملية السلام في اليمن "تعرضت لعدة ضربات، أهمها: كانت عبر أول عملية إرهابية في البحر الأحمر، استهدفت بها ميليشيا الحوثي الملاحة الدولية، في حين جاءت الضربة الثانية، من خلال التصنيف الأمريكي لجماعة الحوثي كجماعة إرهابية دولية، وما تبع ذلك من مواقف وتجمّد لعملية السلام كاملة".

وأشار إلى أن تصعيد مؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن، ضد ميليشيا الحوثي، وما تزامن معها من قرارات اتخذها البنك المركزي اليمني، "وتوالي قرارات مؤسسات الدولة الآن، لسحب الثقل الاقتصادي من داخل العاصمة المحتلة صنعاء، إلى العاصمة عدن، إذ يتجنب الاقتصاد تبعات تصنيف الحوثي كجماعة إرهابية".

وأكد أن هذه الأمور كلها في مجملها، "توحي إلينا بأن عملية السلام في اليمن متوقفة وميتة سريريًا، وهذا لن ينتهي إلا بانتهاء أسبابه، التي يأتي في مقدمتها توقف مليشيا الحوثي عن هجماتها واستغلال الأراضي اليمنية في عمليات مفتوحة لصالح النظام الإيراني في مياهنا الإقليمية".

وذكر المسؤول اليمني، أن ما يلي ذلك هو وجوب مراجعة القرارات الصادرة من القوى الدولية بتصنيف جماعة الحوثي كجماعة إرهابية، قبل أي عملية سلام حقيقية.

مبيّنًا أن مؤسسات الدولة في اليمن، "لا يمكن أن تتراجع عن مواقفها وقراراتها في ظل بقاء تصنيف جماعة الحوثي كجماعة إرهابية، واستمرار هجماتها في البحر الأحمر، هذا علاوة على استمرار المشكلة الحوثية المتمثلة في الانقلاب على الدولة".

عقبات داخلية

وإلى جانب عمليات التجنيد الواسعة التي تقوم بها ميليشيا الحوثي لعشرات الآلاف من المقاتلين، تتزايد حجم التعقيدات الداخلية، عقب الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي اليمني، الرامية إلى السيطرة على القطاع المصرفي، وقرارات الحكومة المعترف بها دوليًا، الساعية إلى تجفيف مصادر التمويل لدى الحوثيين.

وهدد "رئيس حكومة تصريف الأعمال" التابعة لميليشيا الحوثي، عبدالعزيز بن حبتور، الأربعاء الماضي، بـ"اشتعال المعركة من جديد، في حال تنفيذ هذه القرارات"، متهمًا السعودية ومن خلفها الولايات المتحدة بـ"الوقوف خلف هذه القرارات".

واتجهت ميليشيا الحوثي للتصعيد خلال الأيام الثلاثة الماضية، عبر اختطاف أكثر من 60 موظفًا يمنيًا يعملون لدى المنظمات الأممية والدولية، بينهم موظفون لدى مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، في خطوة يعتقد مراقبون أنها تأتي "انتقامًا من المجتمع الدولي الداعم للقرارات الحكومية وإجراءات المركزي اليمني".

وسبق ذلك، أن أصدر الحوثيون عبر "المحكمة الجزائية المتخصصة" في صنعاء، أحكام الإعدام بحق 46 يمنيًا، بتهم "التخابر" لصالح دول أجنبية وعربية، وهو ما عدته الحكومة "تقويضًا لجهود التهدئة وإحلال السلام".

 تغيير الشروط

ويعتقد مدير مكتب مركز "south24" للأخبار والدراسات في عدن، يعقوب السفياني، أن خارطة الطريق الأممية بشأن اليمن، "توفّر كثيرًا من الامتيازات للحوثيين، ولكنها لا تغطي كل ما تحتاجه الجماعة".

وأشار لـ"الخليج الان"، إلى أن الالتزامات التي يفرضها السلام، أغلى وأثمن بالنسبة للحوثيين من التزامات الحرب، "وهم يعرفون أن خارطة الطريق ستقود إلى عملية سياسية ستقود بدورها إلى مجموعة من الالتزامات التي يفرضها السلام ويفرضها اتفاق وقف إطلاق النار وحالة الاستقرار، وهذا ما لا يجيده الحوثيون الذين نشأوا كجماعة تكبر وتتغذى على الصراعات والعنف، بدءًا من حروب صعدة الستة، مرورًا بحرب 2015، ووصولًا إلى الحروب اللاحقة والوضع الراهن".

وأضاف أن الحوثيين، يعتقدون أن بإمكانهم الحصول على شروط وظروف أفضل، لاتفاق جديد أو خارطة طريق أخرى، بعد أن يفرضوا معطيات أخرى على أرض الواقع، "نظرًا لإيمانهم بأن المعطيات على الأرض هي التي تحدث التغيير في سقف شروطهم، وسقف التنازلات التي يريدونها من الحكومة المعترف بها دوليًا ومن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وسبق أن فعلوا ذلك في مأرب، وحاولوا فعله في شبوة".