محمد الرخا - دبي - الأربعاء 5 يونيو 2024 10:06 مساءً - أكد خبراء في أوراقهم البحثية المنشورة في مجلة الصحة العالمية، الآثارَ الصحية الخطيرة الناجمة عن تغير المناخ، وخاصة بالنسبة للفئات السكانية الضعيفة مثل النساء الحوامل والأطفال والمراهقين وكبار السن.
وسلّطت هذه الأوراق البحثية، التي كتبها مجموعة من الخبراء من منظمة الصحة العالمية (WHO) والأوساط الأكاديمية العالمية، الضوء على الآثار الصحية التي غالبًا ما يتم التغاضي عنها للمخاطر المرتبطة بالمناخ في مراحل مختلفة من الحياة، بما في ذلك موجات الحر وتلوث الهواء والكوارث الطبيعية مثل حرائق الغابات والفيضانات.
وترسم النتائج الجماعية صورة مهددة للمخاطر الصحية الملموسة المرتبطة بتغير المناخ، مما يتحدى الفكرة السائدة عن كونها تهديدًا بعيدًا.
ووفقًا للدكتور أنشو بانيرجي، مدير صحة الأم والوليد والطفل والمراهقين والشيخوخة في منظمة الصحة العالمية، فإن الأدلة المقدمة في هذه الأوراق تؤكد الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات لحماية الفئات الأكثر ضعفًا من السكان. ويؤكد أنه على الرغم من الوعي المتزايد بتغير المناخ، فإن الجهود المبذولة للتخفيف من آثاره الصحية لا تزال غير كافية.
ومن أحد الاكتشافات المهمة التي توصلت إليها الدراسة هو العلاقة بين الحرارة الشديدة والنتائج الصحية الضارة، خاصة بالنسبة للنساء الحوامل والرضع.
أخبار ذات صلة
دراسة: الإنسان عاش في المناخ الجليدي قبل 45 ألف عام
وقد ارتبطت موجات الحر بزيادة في الولادات المبكرة، وهو سبب رئيس لوفيات الرضع، فضلاً عن زيادة مخاطر ارتفاع ضغط الدم وسكري الحمل أثناء الحمل.
علاوة على ذلك، فإن الأفراد الأكبر سناً هم أكثر عرضة لمضاعفات القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي أثناء موجات الحر، حيث ترتبط كل درجة مئوية إضافية في درجة الحرارة اليومية الدنيا فوق 23.9 درجة مئوية بزيادة قدرها 22.4٪ في خطر وفيات الرضع.
وتمتد الآثار الضارة لتغير المناخ إلى ما هو أبعد من موجات الحر، لتشمل مجموعة واسعة من تحديات الصحة البدنية والعقلية، على سبيل المثال، يؤدي تلوث الهواء إلى تفاقم المضاعفات المرتبطة بالحمل مثل ارتفاع ضغط الدم وانخفاض الوزن عند الولادة، بينما يشكل أيضًا مخاطر على نمو دماغ الجنين ورئتيه.
النزوح والاضطرابات الناجمة عن الكوارث المرتبطة بالمناخ تؤثر بشكل غير متناسب على السكان الضعفاء
وبالمثل، فإن الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات وحرائق الغابات لا تؤدي إلى تعطيل الخدمات الأساسية فحسب، بل تساهم أيضًا في اضطرابات الجهاز التنفسي ومعدلات الوفيات بأمراض القلب والأوعية الدموية، وخاصة بين كبار السن.
علاوة على ذلك، فإن النزوح والاضطرابات الناجمة عن الكوارث المرتبطة بالمناخ تؤثر بشكل غير متناسب على السكان الضعفاء الذين يعتمدون على الوصول المستمر إلى الرعاية الصحية والدعم الاجتماعي.
ويواجه الرضع وكبار السن والنساء الحوامل نقاط ضعف فسيولوجية فريدة من نوعها، بما في ذلك تحديات تنظيم درجة الحرارة وضعف أجهزة المناعة، مما يؤدي إلى تفاقم تعرضهم للمخاطر الصحية المرتبطة بالمناخ.
واستجابة لهذه النتائج، يدعو الباحثون إلى اتخاذ تدابير مصممة خصيصًا للتكيف مع المناخ، والتي تعطي الأولوية للاحتياجات المحددة للفئات السكانية الضعيفة.
ويشمل ذلك تعزيز الاستعداد في مجالات رعاية الأطفال والرعاية الاجتماعية والأنظمة التعليمية للتخفيف من آثار الظواهر الجوية المتطرفة وارتفاع درجات الحرارة.
أخبار ذات صلة
دراسة: 38 تريليون خسائر سنوية بسبب تغير المناخ بحلول 2049
كما يعتبر تعزيز المشاركة بين جميع الفئات العمرية في العمل والتخطيط المناخي أمرًا ضروريًا لبناء القدرة على الصمود وحماية الصحة العامة.
وتتجلى الضرورة الملحة لمعالجة الآثار الصحية لتغير المناخ في الأحداث المناخية غير المسبوقة التي شهدتها السنوات الأخيرة، حيث يعتبر عام 2023 العام الأكثر دفئًا على الإطلاق.
فمن حرائق الغابات إلى الأعاصير والفيضانات والحرارة الشديدة، يستمر تواتر وشدة حالات الطوارئ المناخية في التصاعد، مما يؤكد ضرورة العمل العالمي المتضافر.
وبينما تتصارع الحكومات مع التحديات المتعددة الأوجه التي يفرضها تغير المناخ، فإن الرؤى التي يقدمها هذا البحث هي بمثابة دعوة واضحة لاتخاذ تدابير استباقية لحماية صحة ورفاهية السكان المعرضين للخطر.
ولن يتسنى لنا أن نأمل في مواجهة المخاطر الصحية المتصاعدة التي يفرضها تغير المناخ بفعالية إلا من خلال الجهود التعاونية لتخفيف الانبعاثات، وبناء القدرة على الصمود، وإعطاء الأولوية للعدالة الصحية.