عشّاق سوريا ينتحبون: غرام الذهب تجاوز المليون فكيف نتزوج؟

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 29 مايو 2024 02:09 مساءً - "أعمل بدوامين في اليوم، ولا أعود إلى البيت إلا في وقت متأخر من الليل، ومع ذلك لا أؤمن كل مصروفي ومتطلباتي، فكيف أتزوج؟"

Advertisements

تجاوز سعر غرام الذهب في سوريا، عتبة المليون ليرة (نحو 77 دولارًا)، وراح الحالمون بالزواج، يضيفون ثمن "تلبيسة" العروس من الذهب، إلى العقبات الكثيرة أمام استقرارهم، مثل: ثمن المنزل أو أجرة السكن، وتوفر الدخل الكافي لإعالة الأسرة.

ويتندّر الشباب اليوم، على غلاء الذهب، فيذكّر بعضهم بقصص الحب العذري التي لم تنته بالزواج، مثل قيس وليلى وجميل بثينة، ويقولون إن الحل يكمن في مقاطعة هذا المعدن الثمين واختراع بدائل أخرى، حتى لا يضطر أبناء الجيل، لاختيار العزوبية مكرهين.

وانتشرت دعوات على السوشال ميديا في الفترات السابقة، تطالب أهل العروس باعتماد معدن الفضة كبديل للذهب، نظرًا لسعره الأقل. وقال آخرون إن الاكتفاء بخاتم هو الأنسب.

الراتب أقل من نصف غرام ذهب

ويبلغ راتب الموظف السوري الشهري أقل من ثمن نصف غرام ذهب، أي أنه يحتاج عشرات السنوات كي يشتري "تلبيسة" العروس، شريطة ألا يصرف شيئًا من راتبه على الاحتياجات الأخرى.

ويحمّل البعض، مسؤولية عزوف الشباب عن الزواج، للبنات المتطلبات، اللواتي رغم معرفتهن بالوضع الاقتصادي في البلد، يثقلن على العريس في موضوع الذهب وشراء البيت والإسراف في اللباس.

ويقول الشاب نائل جمعة، لـ"الخليج الان": "أعمل بدوامين في اليوم، ولا أعود إلى البيت إلا في وقت متأخر من الليل، ومع ذلك لا أؤمن كل مصروفي ومتطلباتي، فكيف أتزوج؟".

أحد تجار الذهبمتداول

ويؤكد نائل، أنه لم يفكر بمصارحة قريبته بحبه، بسبب عدم مقدرته على خطبتها وتأمين متطلبات الزواج. ويقول: "ربما أحتاج عشرات السنين حتى يتحسن وضعي المادي قليلًا، أي بعد أن يفوتني الزمن".

ودرجت بين الشباب المهاجرين، عادة الزواج من الأوروبيات في أماكن اللجوء، مبررين ذلك، بكثرة متطلبات البنت السورية، واكتفاء الأوروبية بالحب والارتباط دون طلبات مادية ثقيلة.

ونشأت على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعات وصفحات، بعضها يلقي المسؤولية على الشباب، وآخر يحمل البنات المسؤولية. وفي حين تزوج الكثير من الشباب أوربيات، بقيت حالات زواج البنات السوريات من أوربيين نادرة جدًّا.

"يجب على الشباب أن يفكروا بتأمين حياة أفضل لأبنائهم. وليست المشكلة بتلبيسة العروس"

نشتري رجلاً.. ولا نبيع ابنتنا

واضطرت شريحة من الأهالي للتساهل في موضوع المهر، حتى لا تفوت بناتهم فرص الزواج، ورددوا المثل الشعبي الشهير: "نحن نشتري رجلاً.. ولا نبيع ابنتنا". لكنهم اشترطوا توفر الحد الأدنى للمعيشة عند العريس، إضافة إلى ميزاته الشخصية المحمودة.

ويقول أبو ثائر، لـ"الخليج الان": "أنا لا أدقق كثيرًا على وضع العريس المادي، خاصة إذا كان محترمًا وابن عالم وناس. لكن من غير المقبول ألا يتمتع العريس بأي صفات مادية أو معنوية".

ويرى أبو ثائر، أن المهم ليس الموافقة على الزواج وتسهيل إجراءاته من قبل الأهل، بل ضمان عوامل ديمومة هذا الزواج ومن ضمنه تأسيس الأسرة وإنجاب الأطفال، فهؤلاء مَن سيصرف عليهم، إذا لم يملك العريس شيئًا؟".

بنات يتخلّينَ عن فرحة العمر

تفضّل جوليا، البقاء عزباء، على الارتباط برجل غير قادر على شراء تلبيسة الذهب لها. وتقول لـ"الخليج الان": "رغم أن الزواج هو فرحة العمر عند الفتاة، لكن يجب أن يحقق مقوماته الأساسية، وأنا تخليت عن الفكرة، بسبب عدم توفر الفرصة المناسبة".

ترفض جوليا، ما يشاع عن البنت السورية بأنها متطلبة. وتقول إن تأسيس الأسرة وإنجاب الأطفال، مسؤولية كبرى. وتضيف: "يجب على الشباب أن يفكروا بتأمين حياة أفضل لأبنائهم. وليست المشكلة بتلبيسة العروس".

وتنتشر في المجتمع السوري منذ سنوات الحرب، ظاهرة تركيز البنات على تطوير إمكاناتهن في العلم والخبرات واتقان المهارات المختلفة، على حساب التفكير بالزواج في ظل الوضع الاقتصادي الحالي.

وتضيف جوليا: "الاستقلال الاقتصادي عبر العمل في مهنة محترمة، أهم شيء بالنسبة للفتاة حتى تضمن مستقبلها. أما الزواج فيمكن أن يحصل عندما تكون الظروف مناسبة".

أخبار ذات صلة

"مدافن طابقية" لحلّ أزمة ازدحام الموتى في سوريا

تداعيات العزوف عن الزواج

وتقول الأخصائية الاجتماعية أليسار فندي لـ"الخليج الان": "البقاء دون زواج، له تداعيات على الشباب ماديًّا ونفسيًّا وهي ظاهرة غير صحية، لأن الوضع الطبيعي هو أن يتزوج الإنسان".

وترى فندي، أن التحايل على الأمر هو الحل الوحيد حاليًّا، لأن المشاكل الاقتصادية كبيرة ولا يمكن تجاوزها خلال وقت قصير. وتضيف: "اقتصاديًّا، يبدو الزواج صعبًا على الشباب في هذه المرحلة. لكن يجب النظر للأمر من وجهة نظر اجتماعية، فهذه النقطة لها تداعياتها الكثيرة على المجتمع".

ودرجت خلال السنوات الأخيرة الأعراس الجماعية، التي يقدم فيها بعض المقتدرين والجمعيات، مساعدات للشباب حتى يُقدِموا على الزواج. لكن ذلك لم يكن كافيًا للتشجيع، فالشباب يفكرون بالمستقبل، ومدى قدرتهم على توفير حياة أفضل لأبنائهم".