محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 28 مايو 2024 04:15 مساءً - نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقالًا يقارن بين ما تشهده الولايات المتحدة الأمريكية من تنافس بين كل من الرئيس جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترامب، وما جرى في روسيا خلال الفترة الأخيرة للرئيس بوريس يلتسين، ويصف المقال تلك الحقبة بأنها كانت "مخيفة جدًّا" على الديمقراطية.
ويقارن الكاتب الروسي ميخائيل زيغار في المقال بين ما يجري حاليًّا داخل الولايات المتحدة وما جرى في روسيا في تسعينيات القرن الماضي، ويقول: "هذه ليست أمريكا اليوم؛ إنها روسيا عام 1996 وذلك الرئيس المسن ليس جو بايدن بل بوريس يلتسين، ومنافسه المخيف ليس دونالد ترامب، بل الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف."
وقال إنه كان من غير المؤكد ما إذا كان لا ينبغي على الرئيس الأمريكي جو بايدن "المسن" الترشح لولاية ثانية، مشيرًا إلى أن معدلات قبوله منخفضة، وبأن هناك مخاوف بشأن صحته.
وأضاف زيغار أن مستشاري بايدن يصرون على أنه الحصن الوحيد أمام خصم هائل، وبأن ترشيحه لكرسي الرئاسة يشكل أهمية بالغة لبقاء الديمقراطية.
وتابع: "يقولون إنه إذا لم يترشح بايدن فإن الدكتاتورية سوف تسود، ورغم تحفظاته، يوافق الرئيس ويتعهد بهزيمة خصمه وحماية مستقبل بلاده."
وأضاف: "بينما أشاهد الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية تتكشف أمامنا اليوم أتذكر باستمرار تلك المنافسة بين يلتسين وزيوغانوف، ورغم كل الاختلافات بينهما، فإنني لا أستطيع أن أتخلص من الشعور بأنني رأيت ذلك من قبل".
أخبار ذات صلة
ترامب يقبل شروط بايدن.. نحو مناظرة رئاسية مبكرة "دون جمهور"
وأضاف الكاتب أن روسيا وقفت في ذلك الحين على مفترق طرق بينما كانت تواجه خيارًا واضحًا بين الديمقراطية أو الاستبداد لكن من الواضح اليوم أن ذلك كان انقسامًا زائفًا.
وأردف: "وبدلاً من ذلك، فإن الحملة غير النزيهة القائمة على الخوف لم تؤد إلى تقويض إيمان الروس بالديمقراطية فحسب، بل سهّلت أيضًا عن غير قصد صعود فلاديمير بوتين. إنها قصة مخيفة جدًا."
وتابع "في نهاية عام 1995، كانت شعبية بوريس يلتسين منخفضة للغاية، حيث بلغت معدلات الموافقة عليه نحو 6%، ومع ذلك، كان مستشاروه متفائلين، إذ اعتقدوا أن يلتسين هو الوحيد القادر على إنقاذ البلاد من عودة الشيوعية، مستشهدين بانتصاره الانتخابي على الشيوعيين في عام 1991".
وأضاف: ووسط حالة من السخط في جميع أنحاء البلاد، كان زيوغانوف يدير حملة يمكن تلخيصها بشعار مألوف: "لنجعل روسيا عظيمة مرة أخرى"، وبحلول نهاية عام 1995، كان حزبه انتصر في الانتخابات البرلمانية، ما أدى فعليًا إلى تأمين سيطرته على مجلس النواب.
في المقابل لم يستسلم مستشارو يلتسين بسهولة، وبدلًا من ذلك، شرعوا في إنشاء حملة فعالة بشكل ملحوظ، متبعين ما سمّوه "عامل الخوف."
ونقل الكاتب ما قاله له سيرغي زفيريف، وهو أحد مديري حملة يلتسين في ذلك الحين، حيث شرح له بأنه "كان من الضروري استخدام كل التكتيكات لبث الخوف من المستقبل بين الجماهير، لضمان أن الفظائع المحتملة لانتصار أي شخص غير يلتسين سوف تطغى على أي استياء قائم على شخصية الأخير".
وعلق الكاتب على ذلك بقوله: "لقد تحول الإعلام الروسي، الذي كان يتمتع في السابق بقدر كبير من الحرية، إلى امتداد لآلة الدعاية الرئاسية ولم تكتف القنوات التليفزيونية الروسية والصحف الكبرى بدعم يلتسين فحسب، بل قامت أيضًا بتشويه سمعة منافسه زيوغانوف. لقد صوروا سيناريوهات قاتمة لانتصار الشيوعية - بما في ذلك استعادة الاتحاد السوفيتي، والاعتقالات الجماعية، والقمع واسع النطاق، وإدخال الرقابة الصارمة."
وأضاف الكاتب أنه ورغم المخاوف المبكرة بشأن أدائه، فقد فاز يلتسين بفارق ضئيل في الجولة الأولى من الانتخابات في يونيو/حزيران، متفوقًا على منافسه الشيوعي بفارق ضئيل بلغ 3 في المئة.
لكن "كارثة" وقعت بعد ذلك، وقبل أيام قليلة من جولة الإعادة، إذ أصيب يلتسين بنوبة قلبية أخرى؛ ما حدا بفريقه الانتخابي إلى اتخاذ قرار صادم يتمثل بإخفاء تدهور صحة الرئيس عن الجمهور حيث اختفى يلتسين عن الظهور على الهواء مباشرة، وبدلًا من ذلك، بثت القنوات التلفزيونية لقطات قديمة له."
وتابع الكاتب: "لقد خرج يلتسين منتصرًا في الجولة الثانية من الانتخابات ومع ذلك، كان من غير الواضح ما إذا كان قادرًا على الحكم. لقد كان خطاب تنصيبه مقتضبًا إلى حد مثير للقلق، ولم يستمر سوى 44 ثانية، ويقال إن العديد من القرارات المحورية بعد ذلك لم يتخذها يلتسين بل عائلته".
أخبار ذات صلة
خلال احتفال "يوم الذكرى".. ترامب يصف خصومه بأنهم "حثالة بشرية"
وأضاف الكاتب أنه وفي عام 1999، وبينما كان يلتسين لا يزال مريضًا بسبب آخر أزمة قلبية تعرض لها، نظمت دائرته الداخلية استقالته المبكرة.
وبحثًا عن شخص يسهل إدارته، عينوا خلفًا له مدير جهاز الأمن الفدرالي في ذلك الوقت فلاديمير بوتين.
ورأى الكاتب أن بوتين استمرّ في تجسيد التوقعات الرهيبة التي نشرتها وسائل الإعلام في عام 1996 حيث بدأ جهودًا لاستعادة جوانب من الاتحاد السوفيتي، وطبق الرقابة وبدأ سلسلة من القمع وكان ما فعله أبعد بكثير مما كان يمكن أن يتخيله زيوغانوف في أسوأ حالاته.
في المقابل، نقل الكاتب ما قاله له أناتولي تشوبايس، الذي كان رئيسًا للإدارة الرئاسية في عامي 1996 و1997، وأشار إلى أن "تلك الانتخابات كانت حاسمة للحفاظ على الديمقراطية الروسية"، وقال إنهم مهدوا الطريق لما سماه "المعجزة الاقتصادية الروسية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين".
وأورد الكاتب ما ذكره المعارض الروسي أليكسي نافالني على سبيل المثال حين قال إن "انتخابات عام 1996 أدت إلى تآكل ثقة الروس بشكل كبير في مبادئ حرية التعبير والانتخابات النزيهة.
وكتب نافالني "أنا أمقت أولئك الذين وصفناهم خطأً بالإصلاحيين".
وختم الكاتب الروسي مقاله بالقول إن العديد من الأمريكيين قد يعتقدون أن المقارنة بين الانتخابات الروسية عام 1996 والحملة الرئاسية الأمريكية الحالية مبالغ فيها إلى حد ما، ومن المؤكد أن هناك الكثير من الاختلافات ناهيك عن أن الديمقراطية الأمريكية ليست ناشئة.
لكن في المقابل يشدد الكاتب على أن حملة يلتسين الانتخابية تشكل قصة تحذيرية بالنسبة للأمريكيين، فإلى جانب تأكيد ضرورة أن يقدم المرشح للناخبين أكثر من الحماية من شيء أسوأ، فإنه يكشف عن مخاطر القول بأن شخصًا واحدًا فقط يمكنه إنقاذ الديمقراطية.
وتابع الكاتب بالقول إن "صيغة الخوف، مهما كانت مبنية على أساس جيد، فهي صيغة خاسرة فعندما يصوت الناخبون لمرشح ما بدافع الخوف وحده فإن ذلك يقوض الثقة في النظام ككل، ومن الصعب استعادة الثقة في المؤسسات الديمقراطية، بمجرد فقدانها."
وختم: "في أميركا اليوم، كثيرًا ما أسمع أن مصير الديمقراطية يتوقف على الانتخابات المقبلة ومع أنني اتفق مع ذلك إلا أنه وكما تظهر التجربة الروسية فإن الأمر ليس بهذه البساطة على الإطلاق ولا يتعلق فقط بهزيمة الرجل السيّئ وحسب".