محللون: انقسام إسلاميي الجزائر يعيد تيّار "الحمائم" إلى الواجهة

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 28 مايو 2024 11:13 صباحاً - أبرز الجدل حول الترشح لانتخابات الرئاسة الجزائرية، حالة من الانقسام في صفوف اكبر حزب اسلامي وهو حركة مجتمع السلم، المعروف بـ"حسم"، ما أضعف شوكته، وفسَح المجال لعودة تيار "الحمائم" المعروف بالأوساط الجزائرية بتفضيله خيار التحالف مع السلطة، إلى الواجهة.

Advertisements

حالة الانقسام التي آل إليها تيار الإسلام السياسي في الجزائر لم تكن وليدة ظروف الانتخابات الرئاسية المقررة في سبتمبر/أيلول المقبل فحسب، بل جاءت نتيجة تراكمات عانت منها الأحزاب خلال السنوات الأخيرة، فانقسمت حركة مجتمع السلم "حمس" إلى ثلاثة أحزاب هي حركة مجتمع السلم، جبهة التغيير، وحركة البناء الوطني، فيما تفتت حركة النهضة إلى أحزاب عدة.

وانعكس الأمر بوضوح على تشكيلة خريطة المجالس البرلمانية والمحلية المنتخبة في آخر استحقاق أجري في عام 2021، فقد أصبحت حركة مجتمع السلم التشكيلة الثانية في البرلمان بـ 65 نائبًا، بعد حزب جبهة التحرير الحاكم، فيما تأتي حركة البناء الوطني في المرتبة السادسة بـ 40 نائبًا من إجمالي تركيبة المجلس البالغ عدده 407 مقاعد. 

أما الحزبان الاسلاميان الآخران، فعدد مقاعدهما لا يتجاوز الاثنين، وهما حزب العدالة والتنمية،  وحزب الحرية والعدالة (مقعد واحد).

فيما وُجهت سهام الانتقادات إلى خطابات الأحزاب الإسلامية ذات التوجهات الأيديولوجية مع عدم تقديمها حلولًا واقعية للمشاكل التي يعاني منها المجتمع الجزائري، دفعت حركة مجتمع السلم برئيسها عبد العالي حساني شريف، مرشحًا عنها للانتخابات الرئاسية الذي لم يحظَ بالإجماع الشامل داخل حمس بسبب رفض شخصيات أخرى للخطوة التي  كان لها تأثير كبير في قواعد الحزب.

وأكد رئيس حركة مجتمع السلم السابق في الجزائر عبد الرزاق مقري في بيان له نشر عبر حسابه الرسمي في "فيسبوك"، أن "الحسم في الترشح للرئاسيات داخل الحزب كان مغلقًا"، مبديًا رغبته بالترشح عندما تتاح الظروف لذلك مستقبلًا.

غير أن نائب رئيس حمس، ناصر حمدادوش، رد بأن هنالك عدة عوامل دفعت بترشيح حساني إلى الواجهة، وهو خيار حظي بالإجماع؛ ما يؤكد انسجام الحركة والتفافها حول قيادتها، وفق حمدادوش.

ويعد مقري من أكثر الشخصيات التي تم تداول اسمها كمرشح كونه أحد مؤسسي الحركة، عكس خليفته حساني فهو حديث التجربة بقيادة أكبر حركة إسلامية في الجزائر.

ولا يتردد حمدادوش في الإجابة بالرد على الانتقادات بقوله إن "الترشح ليس مجرد ترشح فردي كمشروع شخصي، بل هو ترشح مؤسسي، يحمل مشروع حركة ومدرسة وتيار".

ويشاطر المحلل السياسي الجزائري عبد الحكيم بوغرارة الرأي القائل: إن الأحزاب الإسلامية تعرف حالة من الانقسام والتشرذم لعدة أسباب، منها ما هو تاريخي بعد ثباتها على برامج وعدم اعتمادها على التنشئة والتكوين؛ ما جعلها في خدمة السلطة سواء بالمعارضة أو السلطة.

وحسب بوغرارة في تصريح لـ"الخليج الان"؛ فإن اختيار حساني إعلان ترشحه جاء في "ظروف عبثية"، بعد لقاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بالأحزاب السياسية الثلاثاء الماضي، مشيرًا إلى ملاحظة "فوضى كبيرة في إعلان الترشح فوجدت التشكيلات نفسها في حالة تسلل سياسي عقب إعلان رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة، ضمن أحزاب التحالف الرباعي لترشيح تبون لمدة دستورية ثانية".

ويرى أن "مواقف حركة البناء ومجتمع السلم لا تعكس الإرث السياسي لهذه الأحزاب ولا إرث قائدها محفوظ نحناح والتي وصلت إلى مستويات ضعيفة جدًّا".

بدوره، يعود الباحث الجزائري وأستاذ الإعلام بجامعة الجزائر (غرب البلاد) سعدود معمر إلى مكامن هشاشة الحركات السياسية الإسلامية ببلاده والتي فقدت وزنها وسط الجماهير ما بعد الحراك الشعبي في فبراير/ شباط 2019؛ ما لعب على تشتيت أصوات الناخبين خلال الانتخابات.

كما بيّن سعدود أن انقسامها بين معارضة وموالاة للسلطة قسم الرؤية الموحدة تجاه الرهانات الكبرى في الجزائر، معتقدًا في تصريحات لـ"الخليج الان"، أن التنافس، وإن كان صحيًّا في الممارسة السياسية، لكن ما يلاحظ هو عودة تيار ما يعرف بـ"الحمائم" بقوة ليكون مشاركًا في الحكومة ومراكز صنع القرار، وسط تراجع لتيار "الصقور" الذي يدافع عن مقاطعة الانتخابات، والمعارضة ما لم تتوفر ظروف معينة.