محمد الرخا - دبي - الاثنين 20 مايو 2024 11:09 صباحاً - تتحدث المجندات في الجيش الفرنسي، بتزايد، عن الاعتداء الجنسي الذي يتعرضن له؛ ما يكشف عن مشاكل نظامية داخل القوات المسلحة، خاصة أن كثيرات منهن يخضعن للعقوبة بعد ذلك.
ويسلط تحقيق أجرته صحيفة "لوموند" المحلية، الضوء على الكيفية التي تواجه بها هؤلاء النساء عقوبات، بينما يظل المعتدون، سالمين في كثير من الأحيان.
أبلغت العريف روز، وهو اسم مستعار لجندية تبلغ من العمر 24 عامًا، عن تعرضها للاغتصاب على يد رئيسها في أيار/ مايو 2022.
وبعد بلاغها، عوقبت بالسجن لمدة 15 يومًا في زنزانة عسكرية لانتهاكها اللوائح من خلال تناول الكحول ليلة الاعتداء.
وأعربت روز عن إحباطها قائلة: "إنه أمر سخيف، لقد تحولتُ من ضحية إلى مذنبة".
ورغم الكلمات القوية التي أدلى بها وزير القوات المسلحة سيباستيان ليكورنو، الذي أكد أن التحدث علنًا من شأنه أن يحرر الضحايا، فإن الواقع على الأرض يبدو مختلفًا بشكل صارخ، وفقًا للصحيفة.
كما واجهت العريف هيلين، التي تدَّعي أيضًا أنها تعرضت للتخدير والاغتصاب من قبل الجاني نفسه، مصيرًا مشابهًا، موضحة أنها بعد تقديم شكوى في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تم احتجازها أيضًا بسبب شرب الكحول ودخول غرفة الرجال، وهو الأمر الذي لا تتذكره.
وروت قائلة: "استيقظت ولم أعرف ما حدث، والآن أنا المخطئة".
وتبدو الإجراءات التأديبية المتخذة ضد المهاجمين المزعومين متساهلة جدًّا، إذ لم يتلق الجندي المتهم سوى 20 يومًا من الاحتجاز، قضاها في غرفته بسبب عدم وجود مساحة كافية في الزنزانة، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع العقوبات الأشد المفروضة على الضحايا.
وأكدت الصحيفة أن هذا التفاوت في العقوبات والتساهل أثار الغضب ودفع العديد من المجندات للانضمام إلى حركة (أنا أيضًا) داخل الجيش.
وتكتسب مبادرة (#MeToo) داخل القوات المسلحة الفرنسية، التي يقودها الجندي مانون دوبوا، زخمًا.
وتعتزم لاتيتيا سانت بول، عضو البرلمان والعضو النشط في الجيش، تفكيك "الآلية النظامية" التي تسمح باستمرار هذا العنف؛ حيث تلقى صندوق بريدها، الملقب بـ #MeToo للجيش، أكثر من 100 تقرير، ليس فقط من الضحايا ولكن أيضًا من أولئك داخل النظام الذين يدعون إلى التغيير.
وتصف الوثائق الداخلية الصادرة عن وفد معلومات الدفاع والاتصالات (DICOD) الأمر بأنه "حساس للغاية"، محذرة من استخدام مصطلح "#MeToo" لتجنب المزيد من التدقيق الإعلامي.
ورغم رد الفعل الإعلامي العنيف والمقاومة الداخلية، تواصل المجندات كسر جدار الصمت.
وعلى سبيل المثال، أبلغت الكابتن فلورا عن تعرضها للاغتصاب أثناء دورة القفز بالمظلات في يوليو/تموز 2022.
وبعد تقريرها، عوقبت بالحبس لمدة 10 أيام لانتهاكها قواعد الاختلاط بين الجنسين. وهي الآن في إجازة مرضية بسبب الصدمة النفسية.
من جانبها، تدعي وزارة القوات المسلحة أنها تعالج هذه القضايا، مشيرة إلى أن "الإحالة إلى المحاكم تتم بشكل تلقائي" وأن إجراءات إيقاف المعتدين المزعومين مطبقة، إلا أن عدم إجراء تحقيقات مستقلة والاحتفاظ بالموظفين المدانين يسلط الضوء على الانفصال بين السياسة والممارسة.
وأكدت الصحيفة أن الجهود المبذولة لمعالجة هذه القضايا داخليًّا لم تكن كافية، إضافة إلى أن حالات التساهل مع مرتكبي الجرائم عديدة؛ حيث واصل ضابط كبير، أدين بارتكاب عدة اعتداءات جنسية، مسيرته المهنية دون عواقب كبيرة، حتى إنه تلقى الثناء والترقية الوظيفية.
وكذلك لا يزال جندي آخر، محكوم عليه بتهمة الاعتداء الجنسي على زميل له، في الخدمة؛ ما يسبب المزيد من المعاناة لضحيته.
وأشارت الصحيفة إلى إنشاء وحدة ثيميس للتعامل مع بلاغات العنف خارج التسلسل الهرمي، التي تكافح من أجل إثبات فاعليتها، ولا سيما أنه تم تجاهل توصيات أمين المظالم بإجراء تحقيقات مستقلة وتقديم دعم أفضل للضحايا إلى حد كبير.
ويتجلى التردد في معالجة هذه القضايا بشكل مباشر في المشروع المهجور في مستشفى بيجين العسكري، الذي كان يهدف إلى توفير الرعاية المتخصصة للمجندات.
ومع اكتساب حركة #MeToo المزيد من الاهتمام، تركز جهود التواصل التي تبذلها المؤسسة العسكرية على إدارة السرد أكثر من تركيزها على الإصلاح الهادف.
وخلصت الصحيفة إلى استمرار العنف الجنسي داخل المؤسسة العسكرية الفرنسية؛ ما يسلط الضوء على مشكلة عميقة الجذور تتطلب أكثر من مجرد الخطابات، موضحة أنه مع استمرار المجندات، مثل: روز وهيلين وفلورا، في التحدث علنًا، تركز قصصهن على الحاجة الملحة إلى التغيير المنهجي لحماية اللواتي يخدمن في تلك المواقع الحساسة.