17 مايو 2024, 12:05 ص
كاليدونيا الجديدة.. جزء من الكعكة التي تقاسمتها الدول الاستعمارية الكبرى حول العالم، وكانت هي من نصيب فرنسا، التي امتلكتها في 1853 كمستعمرة عقابية نفي إليها الآلاف من السجناء السياسيين لأربعة عقود بعد 1864.
وكان من المتوقع أن تحصل على استقلالها خلال الفترة من 2015 إلى 2019، إلا تصويت أكثر من 96.50% ضد الاستقلال عن فرنسا في استفتاء عام 2021، حال دون ذلك.
و"كاليدونيا" واحدة من خمس مناطق جزرية تسيطر عليها فرنسا بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ على بعد 20 ألف كم من البلد الأوروبي، إلا أن أهميتها بالنسبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تكمن بأنها محور خطته لزيادة نفوذ بلاده في المحيط الهادئ، والتي حاول تكريسها عبر إتاحة حقوق التصويت للمهاجرين الذين عاشوا فيها لعشر سنوات، وفقاً للمادة الـ77 من الدستور الفرنسي، ما يستبعد السكان الذين وصلوا بعد عام 1998 وكثير من السكان الأصليين، بحسب "وكالة الصحافة الفرنسية".
وكان تلك الشرارة التي سببت اندلاع الاحتجاجات، والمواجهات الدامية مع السلطات الفرنسية، في العاصمة "نوميا"، بالتزامن مع مداولات في الجمعية الوطنية الفرنسية حول تعديلات في دستور كاليدونيا الجديدة، تسمح لعدد أكبر من السكان الفرنسيين بالتصويت في انتخابات الجزيرة، الأمر الذي يخشى أنصار الاستقلال أن يحد من تأثير أصوات سكانها الأصليين المعروفين باسم شعب "الكاناك".
فضلاً عن غنى الجزيرة بمخزون النيكل الذي يمثل نحو 25 في المائة من إجمالي النيكل العالمي، والذي بدأت فرنسا باستخراجه منذ عام 1864.
وتشهد هذه المنطقة الكثير من التوترات منذ فترة طويلة بين السكان الأصليين المؤيدين للاستقلال المعروفين بـ"الكاناك"، والذين لم يكفوا عن محاولات الاستقلال عن باريس منذ ثمانينيات القرن الماضي، أما المكوّن الثاني من سكانها فهم "المستوطنون" الموالون لفرنسا، الذين نجحوا في إبرام اتفاقات "ماتينيون" التي أعادت توزيع السلطات في البلاد، وبعد عشر سنوات، أطلق توقيع اتفاق "نوميا" عملية لإنهاء الاستعمار تستمر عشرين عامًا.
وأمام موجة العنف التي تشهدها البلاد، فرضت السلطات الفرنسية حظر تجول في العاصمة نوميا، وعبّأت قوات الأمن وأغلقت مطارها الدولي، بينما استنفر ماكرون مجلس الدفاع والأمن القومي؛ للبحث في أعمال الشغب في كاليدونيا الجديدة، وألغى رحلة إلى منطقة فرنسية كانت مقررة مسبقًا، بغرض التعامل مع الأزمة في الأرخبيل الواقع في المحيط الهادئ، الذي يفرض أهميته جيوسياسيًا وعسكريًا، وثروته من مخزون النيكل.