محمد الرخا - دبي - الخميس 16 مايو 2024 08:13 مساءً - تستعد التقنيات الناشئة لإحداث ثورة في الكشف المبكر عن الخرف، مما يوفر الأمل للملايين المتضررين من هذه الحالة المنهكة. وعلى الرغم من أن الطرق التقليدية لفحص الخرف مفيدة، إلا أنها تعاني من قيود كبيرة، لذا تقدم التطورات في تكنولوجيا الواقع الافتراضي (VR) حلولاً مبتكرة، بحسب تقرير نشره موقع "psypost".
مع تقدم العمر، تصبح التغيرات في الذاكرة والوظيفة الإدراكية شائعة. ومع ذلك، فإن التمييز بين الشيخوخة الطبيعية والعلامات المبكرة للخرف أمر بالغ الأهمية. ويسمح التشخيص المبكر بالتدخل والدعم والرعاية في الوقت المناسب. عادة، إذا كان الشخص قلقًا بشأن صحته المعرفية، فإنه يقوم بزيارة طبيبه العام (GP)، الذي يدير سلسلة من الاختبارات المعرفية الأساسية. وتقوم هذه الاختبارات بتقييم القدرات، مثل: اتباع التعليمات البسيطة، وإجراء العمليات الحسابية الأساسية، وتذكر المعلومات.
وعلى الرغم من فاعليتها في تحديد الإعاقات الإدراكية الواضحة، إلا أن أدوات الفحص القياسية هذه غالبًا ما تفوت العلامات المبكرة الدقيقة للخرف. ويمكن للتقييمات النفسية العصبية السريرية الشاملة اكتشاف هذه التغييرات المبكرة بدقة أكبر. ومع ذلك، فإن هذه التقييمات تستغرق وقتًا طويلاً ومكلفة، وقد لا تعكس القدرات المعرفية اليومية للشخص.
وتكتسب تقنية الواقع الافتراضي (VR)، المعروفة على نطاق واسع بتطبيقاتها في مجال الترفيه، اهتمامًا كبيرًا في مجال الرعاية الصحية، خاصة في مجال إعادة التأهيل والوقاية من الانتكاس. الآن، يتم استكشاف الواقع الافتراضي من أجل الفحص المعرفي، مما يوفر تجربة أكثر غامرة وجاذبية.
وتحاكي الاختبارات المعرفية القائمة على الواقع الافتراضي سيناريوهات العالم الحقيقي، مثل التنقل في سوبر ماركت أو القيادة في المدينة. وتشرك هذه البيئات الغامرة حواسًا وعمليات معرفية متعددة، مما قد يكشف عن الإعاقات التي تفتقدها الطرق التقليدية. وتعد تقييمات الواقع الافتراضي أيضًا أكثر جاذبية، وأقل ترويعًا للمرضى، مما يؤدي إلى تحسين الامتثال، وتقليل القلق.
وأظهرت الأبحاث في الاختبارات المعرفية القائمة على الواقع الافتراضي نتائج واعدة، خاصة في الكشف عن الاختلالات في الذاكرة المكانية. ومع ذلك، فإن الإمكانات الكاملة للواقع الافتراضي في تشخيص الضعف الإدراكي والخرف لا تزال غير مستغلة إلى حد كبير.
وقام فريق بحث بتطوير لعبة واقع افتراضي شبه غامرة عبر الإنترنت مصممة لتقييم الوظيفة الإدراكية من خلال المهام اليومية. في هذه اللعبة التي تستغرق 20 دقيقة، يقوم المشاركون بدور النادل في مقهى، حيث يقومون بمهام تختبر الذاكرة، والتذكر، والوعي المكاني. شارك أكثر من 140 فردًا في دراسات لتقييم هذه الأداة، وتم نشر النتائج في 3 أوراق بحثية حديثة.
وقارنت أحدث دراسة لعبة الواقع الافتراضي مع أداة فحص موجودة، وهي المقابلة الهاتفية للحالة المعرفية المعدلة (TICS-M)، والتي شملت أكثر من 130 شخصًا بالغًا. وأشارت النتائج إلى أن مهمة الواقع الافتراضي استحوذت على القدرات المعرفية بشكل فعال، خاصة في تذكر المواد الغذائية والذاكرة المكانية. وتفوق المشاركون الأصغر سنًا على المشاركين الأكبر سنًا، حيث عكسوا الأنماط التي شوهدت في اختبارات الذاكرة التقليدية.
وركزت دراسة منفصلة على كبار السن، الذين يشكلون الهدف الأساس لمثل هذه الأدوات. وقد لعب 10 مشاركين تزيد أعمارهم على 65 عامًا اللعبة وقدموا تعليقاتهم، ووجدوها سهلة الاستخدام وجذابة، اذ لم يشعروا بالقلق ورأوا إمكانات اللعبة كأداة لفحص الذاكرة.
كما قدم متخصصو الرعاية الصحية أيضًا تعليقات إيجابية، معترفين بالنهج المبتكر للأداة في التقييم المعرفي. ومع ذلك، فقد سلطوا الضوء على العوائق المحتملة، مثل القيود المفروضة على الموارد وإمكانية الوصول لأولئك ذوي المهارات التكنولوجية المحدودة. وكانت هناك أيضًا شكوك حول دقة الأداة في تشخيص الخرف.
وفي حين تشير الأبحاث الأولية إلى أن الأدوات المعتمدة على الواقع الافتراضي يمكن أن تكون واعدة لتقييم الأداء المعرفي، إلا أنها ليست حتى الآن طريقة نهائية لتشخيص الخرف. لذا، هناك حاجة إلى مزيد من البحث والتحسين لتعزيز خصوصية الأداة والتحقق من فعاليتها في الكشف عن الخرف.
ويخطط فريق البحث لمواصلة اختبار لعبة الواقع الافتراضي، ويدعو الأفراد المهتمين بالمشاركة للتسجيل على موقعهم الإلكتروني. ويهدف هذا البحث المستمر إلى ترسيخ الواقع الافتراضي كأداة قيمة في الكشف المبكر عن الخرف، مما قد يغير كيفية تشخيص الإعاقات الإدراكية وإدارتها في المستقبل.