أليس مونرو.. ربة المنزل التي فضحت "جنة الغرب"

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 15 مايو 2024 03:03 مساءً - "أنا مجرد ربة منزل بسيطة أحصل على الأموال من زوجي لأشتري من البقالة وأسرع للكتابة بينما أولادي نائمون، وأعمل على نصوص قصيرة حتى أنجزها قبل أن يستيقظوا".

Advertisements

هكذا وصفت نفسها ذات مرة الكاتبة الكندية الأشهر أليس مونرو التي رحلت عن عالمنا اليوم عن عمر ناهز 93 عامًا بعد أن اقترن اسمها بهذه الجملة اللافتة "أول مَن حصل من مواطني كندا على جائزة نوبل في الآداب" وهو ما حدث في 2013.

في زمن طغيان الرواية، ظلت "مونرو" مخلصة لفن القصة القصيرة، عشرات الأعمال اللافتة التي تميزت بالعمق والرهافة والنظرة الأنثوية القادرة على التقاط تفاصيل الحياة في المنزل والمزرعة والأسواق والحدائق والشوارع. كان التحدي الذي نجحت فيه ببراعة هو كيفية تحويل الحياة اليومية بأحداثها المعتادة إلى غشاء رقيق ما إن نزيحه بأيدينا حتى نفاجَأ بحالة من الدهشة والسحر والمفارقات المذهلة.

كانت تنظر دائمًا إلى "المسكوت عنه " في بلد فائق التقدم والرفاهية مثل كندا لتطرح الوجه الآخر لما يعتبره البعض "جنة الغرب" فاشتغلت طويلًا وعميقًا على موضوعات قد تبدو صادمة للوهلة الأولى، مثل: التحرش الجنسي، والحب المقموع، والزواج المأساوي، واستبداد الرجال، والحس الذكوري الطافح هنا وهناك، فضلًا عن عزلة البشر، والوحدة القاتلة في سنوات الشيخوخة.

عملت في مرحلة لاحقة من حياتها في بضع وظائف بسيطة، مثل: نادلة وموظفة مكتبة؛ ما جعلها قريبة من إيقاع الحياة اليومية وعلى اتصال دائم مع مصادر الإلهام المباشرة من الواقع بمفارقاته ومآسيه. اتسمت أعمالها بالبساطة والحكي الحميم مع مسحة من السخرية، ما جعلهم يطلقون عليها "تشيخوف كندا" في إشارة إلى أحد عظماء كتاب القصة القصيرة وهو الكاتب الروسي العبقري أنطون تشيخوف الذي رحل عن عمر قصير عام 1904.

من أبرز أعمالها "رقصة الظلال السعيدة " و"حياة الصبايا والنساء" و"المتسولة" و"سر يؤرقني" و "حب امرأة طيبة".

سئلت ذات مرة ما إذا كانت تعتبر نفسها كاتبة "نسوية"، فأجابت: "بما أنني امرأة فأنا أكتب قصصًا عن النساء بشكل طبيعي، ولا أدري ما هو المصطلح الذي يستخدم لرجل يكتب غالبًا عن الرجال. لست واثقة تمامًا بما يقصد بكلمة نسوية. كنت في السابق أقول، حسنًا، بالطبع أنا نسوية، لكن إن ترتب على ذلك أنني أتبع نظرية من نوع ما، أو أنني أعرف أي شيء عنها، إذًا لست كذلك. أعتقد أنني نسوية بقدر ما أؤمن بأهمية تجربة المرأة، وهذا هو بالفعل أساس النسوية".

وعن الكتابة والحياة والتقدم في العمر قالت: "في شبابي كانت الكتابة بالنسبة لي على درجة من الأهمية جعلتني مستعدة للتضحية بأي شيء من أجلها. كنت أرى العالم الذي أكتبه، أي العالم الذي خلقته بنفسي، مفعمًا بالحياة أكثر بكثير من العالم الذي أعيش فيه بالفعل. لكن حين تتقدم بك السن تخفت حاجتك المجنونة للكتابة، وتضطر لمواجهة الحقيقة الصاعقة التي تخبرك أنك ستموت في وقت ما على كل حال، لذا تصبح أهمية كل شيء تفعله أكثر نسبية لمجرد أنه جزء من حياتك".