محللون: الجيش السوداني يحاول جر الفاشر إلى "نزاع عرقي"

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 14 مايو 2024 10:06 مساءً - قال محللون للشأن السوداني، اليوم الثلاثاء، إن الجيش يحاول جر الصراع في الفاشر إلى نزاع عرقي، لمواجهة قوات الدعم السريع.

Advertisements

وتجددت، اليوم الثلاثاء، الاشتباكات داخل الفاشر بين الجيش السوداني، وحلفائه من الحركات المسلحة، وقوات الدعم السريع.

واتهمت قوات الدعم السريع، يوم الاثنين، الجيش السوداني وحلفاءه من الحركات المسلحة بمحاولة جرها للقتال داخل مدينة الفاشر؛ حتى يتحول الصراع هناك إلى حرب أهلية.

وقال شهود عيان، لـ"الخليج الان"، إن الاشتباكات المباشرة دارت بالقرب من "بوابة مليط" شمالي المدينة، وسط سماع الانفجارات العنيفة بالقرب من مقر قيادة الفرقة السادسة التابعة للجيش وسط الفاشر.

وأكد الشهود استمرار حركة نزوح المدنيين من داخل المدينة باتجاه معسكر ابوشوك غربي الفاشر والمناطق المجاورة، كما غادر آخرون باتجاه جنوب دارفور حيث مدن "نيالا وكأس وشعيرية".

وتقف مدينة الفاشر منذ أسابيع على حافة الانفجار؛ جراء تأهب أطراف الصراع هناك إلى خوض معركة قد تكون حاسمة في إقليم دارفور، وسط مخاوف من تكرار تجربة الجنينة غربي دارفور.

تحشيد القبائل

وأكد الصحفي عبدالرحمن العاجب وجود عملية تحشيد للقبائل في الفاشر؛ بنية تحويل الصراع هناك إلى صراع عرقي، لكنه استبعد انزلاق الأوضاع نحو الصراع الأهلي، قائلًا إن "الرهان على الحركات في تحشيد قبائلهم واستقطابها للقتال في صف الجيش ضد قوات الدعم السريع، في محاولة لجر الأوضاع نحو الصراع القبلي، مخطط مكشوف وتم إفشاله بسبب الوعي وسط المجتمعات".

وأوضح العاجب، في تصريح لـ"الخليج الان"، أن أي رهان على اندلاع صراعات قبلية في دارفور رهان خاسر؛ لانتشار "الوعي المجتمعي والمصلحي" الذي ساد بين أوساط شعب دارفور، فضلًا عن توازن القوة الذي حدث في الإقليم؛ بسبب امتلاك كل القبائل الأسلحة المتطورة والفتاكة؛ ما يجعل كل قبيلة تأخذ حذرها من الأخرى.

وأشار إلى أن قوات الدعم السريع تضم مجموعة كبيرة من المقاتلين والضباط المنحدرين من قبيلة "الزغاوة" التي ينحدر منها قادة الحركات المنحازة للجيش السوداني، وهو ما يجعل فرضية الصراع العرقي مستبعدة.

وكان العميد عبدالله شغب، أحد الضباط المنحدرين من قبيلة الزغاوة بصفوف قوات الدعم السريع، قد وجه خطابًا مطولًا لعشيرته حذّرهم فيه من مغبة الانجرار وراء دعوات التحشيد القبلي التي يسوقها لهم حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، كما حذّر مجموعات القبائل العربية من التحشيد القبلي، وطالبها بترك حل المشكلات لقوات الدعم السريع.

وتقاتل عدد من الحركات المسلحة في إقليم دارفور، على رأسها حركتا تحرير السودان بقيادة حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، والعدل والمساواة بقيادة وزير المالية جبريل إبراهيم، إلى جانب الجيش السوداني؛ إذ درج قادة هذه الحركات في الآونة الأخيرة على استخدام الخطاب القبلي في التحشيد ضد قوات الدعم السريع.

كارثة إنسانية

وتخوف القيادي في حزب الأمة القومي، عروة الصادق، من أن القتال في الفاشر قد يخلف أفظع وأكبر كارثة إنسانية، أشد من تلك التي حدثت في الجنينة ونيالا والجزيرة، متوقعًا حدوث موجة نزوح داخلي ولجوء إلى دولة تشاد واقتتال على أساس الهوية؛ لأن هناك من يخطط لذلك، وفق قوله.

وأشار الصادق، في تصريح لـ"الخليج الان"، إلى وجود عمليات تحشيد واصطفاف عرقي في الفاشر التي تؤوي مجموعات كبيرة من الفارين من ولايات أخرى سبقتها بالحريق، وفق قوله.

وقال: "الذي يجري في الفاشر الآن هو تحركات عنيفة ومدروسة ليس لتوسيع رقعة السيطرة وإنما لزيادة الاحتقان، وإيغار الصدور حتى يجد دعاة الحرب ضالتهم في رفض الطرفين الجلوس للحوار، وقطع الطريق أمام مباحثات قد يدعو لها الوسطاء الفترة المقبلة في منبر مدينة جدة".

وأضاف: "يتحركون لذلك بالأموال والآليات وعناصرهم المعلنة وتلك الخفية داخل التكوينات الاجتماعية والأمنية؛ بغية استمرار الحرب حتى إنهاك الطرفين والإجهاز على الأضعف والسيطرة على مقاليد الأمور، حتى لو كلفهم الأمر جر البلاد لحرب أهلية طاحنة تستمر لعقود، أو تقسيم البلاد على أسس جغرافية وعرقية وجهوية".

ومع ذلك، يقلل عروة الصادق من تأثير انحياز الحركات المسلحة للجيش السوداني؛ لأنها شهدت انقسامات داخلية؛ فقد آثر الكثير من قادتها تجميد نشاطهم أو الاستقالة أو الانشقاق؛ رفضًا للانحياز لأي من الطرفين.

ووصف المنحازين للجيش من حركات دارفور بـ"رهائن بورتسودان"، وقال إن "هؤلاء مثلهم مثل قادة الجيش خاضعون لإرادة وإدارة التنظيم الإخواني، لا يستطيعون التحرك من دون إذن قيادته، ولا يستطيعون المناداة إلى السلم؛ لأن كل منادٍ للسلام في عرف التنظيم المحلول خائن ومرتزق وعميل".

وتحتضن مدينة الفاشر مقر قيادة الفرقة السادسة التابعة للجيش السوداني، وهي الوحيدة المتبقية له من أصل خمس فرق عسكرية في إقليم دارفور، بعد أن سقطت الأربع الأخريات بيد قوات الدعم السريع، عقب معارك ضارية في "نيالا، وزالنجي، والجنينة، والضعين".

وعلى مدى الشهور الماضية، ظلت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تتجدد من حين لآخر، مخلّفة ضحايا وسط المدنيين، كما ظلت المدينة عُرضةً لقصف الطيران الحربي التابع للجيش؛ ما أدى لقتل وجرح العشرات من السكان.