بعد أعمال أثارت غضبا.. هل خلعت الدراما الكويتية جلدها؟

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 14 مايو 2024 12:03 مساءً - تبدو الدراما الكويتية خلال السنوات الأخيرة، وكأنها خلعت جلدها لتلبس ثوباً آخر، غير الذي اشتُهرت به في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.

Advertisements

فالفنانون الأوائل الذين أسسوا المشهد الدرامي الكويتي، جاء معظمهم من المسرح، كما درس قسم كبير منهم في الخارج، حيث كانت رسالة الفن، الهدف الأول للمشتغلين في الإبداع.

وبالعودة إلى تلك الفترة التأسيسية من الدراما الكويتية، نعثر على أعمال تركت أثرها في الذاكرة، مثل "خرج ولم يعد" 1980، و"إلى أبي وأمي مع التحية" 1980، و"درس خصوصي" 1981، و"العتاوية" 1982، و"على الدنيا السلام" 1986.

لكن ما يسميه النقاد بالعصر الذهبي للدراما الكويتية، ما لبث أن خفت توهجه، مع بداية التسعينيات، وتفاقم أكثر مع العقد الأول من القرن الحالي، ليستمر التراجع إلى هذه المرحلة الذي ظهرت فيه الدراما الكويتية وكأنها تدور خارج محورها الطبيعي.

وتتشعب الأسباب التي أدت إلى تراجع الدراما الكويتية، وفي مقدمتها غياب كتاب السيناريو المحترفين، وتناول المسلسلات قضايا لا تتصل بهموم المجتمع الكويتي، إضافة إلى انشغال هذه الدراما بالانتشار على حساب الجودة؛ إذ أصبح التركيز على مواضيع الجريمة والعنف والإثارة هو الأساسي.

وبالعودة إلى بدايات الدراما الكويتية، فمشاهدو تلك المرحلة يتذكرون "مذكرات بو عليوي" التي كانت مسلسلاً إذاعياً، ثم تحولت إلى مسلسل عرض على التلفزيون الكويتي عام 1964، ونال متابعة خليجية وعربية كبيرة.

ويعتقد الناقد الكويتي فهد الهندال، في مقال نشره عن الموضوع، أن سبب التراجع الذي عصف بالدراما الكويتية، يعود أيضاً إلى التأثر بعصر الفضائيات، وتنافس المنتجين على الاستحواذ على أهم ساعات العرض، ومحاولتهم كسب الرعاية الدعائية.

ولا يعفي الهندال، التطور التقني، وما أحدثه من أثر في هوية الدراما الكويتية، خاصة مع دخول مرحلة العروض الحصرية على القنوات، ونشوء منصات المشاهدة التي تستحوذ على الأعمال.

وبالمقارنة بين العصر الذهبي للدراما الكويتية في السبعينيات والثمانينيات، وما قدمته في موسم 2024، يمكن أن نتخيل الخط البياني المنحدر الذي عصف بهذه الدراما، خاصة مع ما أثير حول مسلسل "زوجة واحدة لا تكفي" الذي تعرض لإيقاف العرض ومحاسبة المشاركين فيه.

الدراما الكويتية اليوم تبدو بلا وجهة، فهي منسلخة عن الواقع الاجتماعي وقضاياه الإشكالية. يدفعها إلى ذلك، رقابة صارمة خفّضت السقف المتاح للدراما كثيراً؛ ما جعلها تهرب باتجاه المواضيع الغريبة والمثيرة غير المتصلة برسالة الفن التوعوية والأخلاقية.

وربما من مشكلات الدراما الكويتية، عدم وجود توثيق دقيق لمراحل تطورها، فأغلب ما يعتمد عليه هو المرويات على ألسنة الفنانين القدامى الذين رحل معظمهم. وهو ما أثر في القراءات النقدية، التي تعين المبدعين في استلهام أفكارهم وأعمالهم الجديدة.

لم يكن غريباً، أن يستنكر اتحاد شركات الإنتاج الكويتية، بث مسلسلات تسيء إلى المجتمع الكويتي في موسم 2024، وفي مقدمتها "زوجة واحدة لا تكفي". وكان من الطبيعي أيضاً، أن يتساءل الناقد الإماراتي عبد الله النعيمي، عما إن كان الإرث الفني الكويتي في أيد أمينة؟.

ورغم صعوبة حصر قضايا الدراما العربية، ضمن خصوصية كل منطقة تنتج فيها، إلا أن هناك الكثير من القضايا المهمة التي تجمع العرب كلهم، سواء أنتج المسلسل في مصر أم سوريا أم الكويت. فالمطلوب اليوم هو عمق القصة وأبعادها الوطنية والإنسانية والأخلاقية، وهذا شيء متفق عليه بين الجميع.

في كل هذا، لا تبدو الرقابة الكويتية بريئة مما يجري، ولا حلّ أمامها سوى إلغاء الخطوط الحمر الموضوعة أمام الدراما، حتى تلتقط أنفاسها، وتستعيد حيويتها مجددا.