محمد الرخا - دبي - الاثنين 13 مايو 2024 05:09 مساءً - يشكل معدل الخصوبة العالمي الآخذ بالانخفاض، آثارا بعيدة المدى، وعواقب اقتصادية واجتماعية وجيوسياسية عميقة حول العالم.
وبحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، يثير تراجع معدلات الخصوبة مخاوف بشأن تقلص القوى العاملة، وتباطؤ النمو الاقتصادي، ونقص تمويل المعاشات التقاعدية، وحيوية المجتمعات.
وذكرت الصحيفة الأمريكية، أن الدول ذات الدخل المرتفع شهدت انخفاض معدلات الخصوبة إلى ما دون مستويات الإحلال منذ سبعينيات القرن الماضي، وهو اتجاه أثر أيضًا على الدول النامية مثل الهند والصين.
وهناك قلق من أن يؤدي انخفاض معدلات المواليد إلى تقلص عدد سكان العالم خلال العقود القليلة المقبلة، وهو وضع لم يحدث من قبل في تاريخ البشرية.
وكانت الأمم المتحدة تتوقع أن ينخفض معدل الخصوبة العالمي، الذي كان 2.5 في عام 2017، إلى 2.4 بحلول أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ومع ذلك، بحلول عام 2021، انخفض المعدل بالفعل إلى 2.3، مقتربًا من معدل الإحلال البالغ 2.2. وقد أبلغت بيانات المواليد الفعلية من دول مثل الصين والولايات المتحدة ومصر وكينيا عن ولادات أقل بكثير من توقعات الأمم المتحدة؛ ما دفع الخبراء إلى تقدير انخفاض الخصوبة العالمية إلى ما دون الإحلال لأول مرة في التاريخ في عام 2021.
وأضافت الصحيفة، أن الولايات المتحدة، التي شهدت طفرة في المواليد لفترة وجيزة بسبب جائحة كورونا، عاشت بعدها انخفاضًا في معدل الخصوبة الإجمالي إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 1.62؛ ما أدى إلى انخفاض عدد المواليد بما يقدر بنحو 10.6 مليون طفل، عما لو ظلت الخصوبة قريبة من 2.1 منذ عام 2007.
وأرجعت، سبب الانخفاض في معدلات المواليد إلى مجموعة من التغيرات المجتمعية مثل زيادة توافر وسائل منع الحمل، وتكاليف السكن، وارتفاع ديون الطلاب، بالإضافة إلى التحول في التفضيلات نحو العمل والترفيه على الإنجاب.
وأشارت إلى أن هذه التغييرات هي جزء من ”التحول الديموغرافي الثاني“، الذي يتميز بتحول مجتمعي نحو الفردية التي تضع تركيزًا أقل على الزواج والأبوة. وقد أثر التعليم والتحضر والوصول إلى الإنترنت وتغير المعايير الثقافية على قرارات النساء بتأخير الإنجاب أو التخلي عن الإنجاب تمامًا.
وذهبت الصحيفة إلى أن المحاولات التي بذلتها الحكومات لعكس اتجاه انخفاض معدلات المواليد من خلال سياسات الإنجاب، حققت نجاحًا محدودًا.
وأوردت مثالًا على ذلك، اليابان التي قدمت حوافز مختلفة بما في ذلك الإجازة الوالدية ورعاية الأطفال المدعومة والرواتب المالية، لكن معدلات الخصوبة استمرت في الانخفاض.
واستشهدت أيضًا بالولايات المتحدة، "التي لم يكن فيها تركيز واضح على مستوى الولايات أو الحكومة الفيدرالية على زيادة معدلات المواليد، مع دعوة بعض الجمهوريين إلى ”مكافآت الأطفال“ لتشجيع المزيد من الولادات".
وتابعت أن التداعيات الاقتصادية لانخفاض معدلات المواليد كبيرة، حيث يصبح نقص العمالة متوطنًا؛ ما يشكل ضغطًا على أنظمة الرعاية الصحية والتقاعد. ويطرح العلاج التقليدي المتمثل في زيادة الهجرة تحديات، إذ أدى تدفق المهاجرين غير المهرة والمخاوف بشأن التغيير الثقافي والديموغرافي إلى تأجيج المقاومة السياسية.
ومع انخفاض معدلات المواليد، تشهد المناطق والمجتمعات المحلية انخفاضًا في عدد السكان؛ ما يؤدي إلى إغلاق المدارس وركود قيمة الممتلكات والتحديات التي تواجهها مؤسسات مثل الكليات والمستشفيات.
كما أن الآثار المترتبة على تمويل المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية للسكان المتقدمين في السن عميقة أيضًا، حيث تواجه دول مثل كوريا الجنوبية نضوب صندوقها الوطني للمعاشات التقاعدية بحلول عام 2055، بحسب الصحيفة.
وختمت بالقول: "يتطلب الانخفاض العالمي في معدلات الخصوبة إعادة تقييم السياسات الحالية وتطوير حلول مبتكرة تعالج التحديات المجتمعية والاقتصادية والسياسية المعقدة التي يفرضها هذا التحول الديموغرافي.
ومن الأهمية بمكان أن تتعاون الحكومات والشركات والمجتمعات في معالجة تأثير انخفاض معدلات المواليد على مختلف القطاعات مثل الرعاية الصحية والتعليم والقوى العاملة لضمان التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة".