محمد الرخا - دبي - الأحد 12 مايو 2024 01:06 مساءً - انتهى صناع فيلم " السرب" من وضع اللمسات النهائية له عام 2022، لكنه تعرَّض إلى سلسلة من التأجيلات حتى تقرر طرحه حاليًّا بدور العرض، فهل جاء على قدر التوقعات كفيلم تشويق وحركة ينطلق من واقعة حقيقية كانت حديث وسائل الإعلام في العالم؟
وهل أحدث العمل المرتقب الفارق في صناعة الأفلام الحربية بالسينما المصرية مؤخرًا بعد فيلم "الممر"، إنتاج 2019، والذي كان نقطة مضيئة في هذا السياق؟
يستلهم الفيلم ملابسات وأجواء الضربة الجوية المصرية الساحقة التي انطلقت عبر "سرب" مقاتلات في 2015 ردًّا على حادثة مقتل 21 قبطيًّا من المصريين العاملين بليبيا على يد تنظيم "داعش" في مقطع فيديو مؤلم تم إنتاجه وبثه بتقنيات متطورة.
ارتفع سقف التوقعات للفيلم لأسباب عديدة منها التأجيلات المتعددة التي صنعت نوعًا من الترقب، فضلًا عن هذا الكم الذي يكاد يكون غير مسبوق من النجوم المشاركين سواء في البطولة الأساسية أو كضيوف شرف، منهم على سبيل المثال لا الحصر: أحمد السقا وآسر ياسين ونيللي كريم وشريف منير ومحمد ممدوح وكريم فهمي وأحمد فهمي وعمروعبد الجليل ودياب وصبا مبارك. والأهم هو الميزانية الإنتاجية الضخمة التي رصِدت للعمل ليكون نقطة فارقة في هذه النوعية من الأفلام، وما توفر من إمكانات كبرى على مستوى المقاتلات الحربية والدبابات وغيرها من المعدات العسكرية.
شيف منير بمقطع من "السرب"فيلم "السرب"
"يفقتر الإبهار"
وكان مشهد البداية الذي يصور استشهاد بعض قادة سلاح الجو المصري في عملية منفصلة يواجهون فيها عددًا من العناصر الإرهابية، واعدًا للغاية بحرفيته وتكثيفه واختيار زوايا الكاميرا، لكن بقية مشاهد الأكشن لم تكن بالمستوى ذاته، فقد جاءت قليلة على مستوى الكم، عادية للغاية على مستوى الكيف، تفتقر إلى الإبهار وغلب عليها النمطية والاستستهال وكثرة زوايا التصوير من على بعد حيث الانفجارات تتوالى هنا وهناك مع قلة مشاهد القتال المتلاحم عن قرب.
وإذا كان الإخراج الذي تصدى له أحمد نادر جلال جاء معقولًا لكنه لا يرقى إلى مستوى التوقعات الكبرى، فإن سيناريو وحوار عمر عبد الحليم افتقد للترابط المنطقي في كثير من الأحيان وغلب على اللغة المتداولة بين شخصيات العمل العبارات التقليدية والجمل المحفوظة التي تعد نوعًا من " الكليشيهات". وانعكس كل ذلك على الأداء التمثيلي الذي تفاوت بين الإجادة كما في حالة الضابط المزروع داخل التنظيم الإرهابي والذي جسد شخصيته أحمد السقا، وبين الأداء التقليدي كما في دور أمير التنظيم الذي قدمه محمد ممدوح بشكل نمطي لا يحمل لمسة خاصة من الإبداع.
أخبار ذات صلة
شريف سلامة: فيلم "أسد أسود" نقلة نوعية ومحمد دياب لديه رؤية فريدة
ورغم أن الفيلم استغرق وقتًا طويلًا في التجهيز له، لكن صناعه أهدروا فرصًا حقيقية لصناعة عمل أكثر تأثيرًا وعمقًا، فقد ظهرت شخصية أمير داعش وكأنه محتال لا يؤمن بقضية ولا يهمه سوى النفوذ والمطامع، وهو ما أفقد الصراع الدرامي الكثير من حيويته على عكس مسلسل "الاختيار" الذي ظهرت فيه شخصية الإرهابي "هشام عشماوي"، قدمها أحمد العوضي، صاحب قناعة دموية مخيفة في مواجهة الضابط البطل "أحمد منسي" ، جسد شخصيته أمير كرارة، فتصاعد التشويق واكتملت المصداقية. كما كان من الممكن إثراء الدراما بالتركيز ولو قليلًا على الخلفيات الإنسانية والاجتماعية للضحايا الذين تم اغتيالهم في مشهد مأساوي، بدلًا من أن يكونوا مجرد خلفية بعيدة في الأحداث.
وعلى مستوى الصورة البصرية، جاء الفيلم متوسط المستوى، أبرز ما فيه مشاهد المقاتلات الحربية وكادرات التصوير التي تستعرض معسكرات الإرهاب، وهي تشتعل بالنيران، كما تم تنفيذ مشهد مقتل الضحايا المصريين بذكاء، والذي يعد مشهد محوريًّا في حبكة العمل حيث تم تجسيد المأساة بصريًّا وبهدوء حتى تُحدث التأثير المطلوب في المتفرج دون التورط في الجزء المؤلم القاسي الذي وقع بالحقيقة.