محمد الرخا - دبي - الجمعة 10 مايو 2024 09:03 مساءً - يقدّر مختصون أن ما تحتاجه الأسرة السورية شهرياً من أجل العيش يصل إلى 12 مليون ليرة؛ أي ما يعادل 850 دولاراً، في حين يبلغ الحد الأعلى للرواتب 400 ألف ليرة، "25" دولاراً.
وتقول الأمم المتحدة إن عدد السوريين المحتاجين للمساعدة يصل إلى 15.3 مليون نسمة، وإن 90% من الناس يعيشون تحت خط الفقر.
وخلال السنوات الأربع الماضية، شهد الاقتصاد السوري تدهوراً متسارعاً، واتسعت الهوة بين مستوى الدخل والأسعار.
ويعود الباحث الاقتصادي عامر شهدا إلى عام 2022 ليذكّر بالتباين بين الأسعار والأجور، ويقول، لـ"الخليج الان": "ارتفعت تكاليف المعيشة في 2022 من 1.166.860 ليرة "388 دولارا"، إلى 2.507.611 ليرة سورية، "833 دولارا"، خلال عام واحد، أي 97.9%، بينما ثبت الحد الأدنى للأجور عند راتب 92970 ليرة، "33 دولارا".
ويتفاقم الأمر في 2023، وتزداد الهوة بشكل أكبر لتشكل عبئاً على المستهلك. ويضيف شهدا: "في شباط 2023 رفع سعر الغاز 88%؛ أي سبعة أضعاف سعره عن عام 2022، وارتفعت نسبة التضخم 300% خلال أقل من عام. وبين فبراير/شباط 2024 ومارس/آذار 2024 ارتفعت السلع خلال 30 يوماً 18%".
تفاوت في الأرقام
ويعتقد الباحث الاقتصادي، هني الحمدان، أن الأرقام المتداولة لتكاليف المعيشة غير دقيقة؛ فحجم الأسرة يؤدي دوراً إلى جانب طبيعة المصروف.
ويضيف الحمدان، لـ"الخليج الان": "ازدادت المعاناة من تتالي موجات الغلاء والتضخم، وعدم مقدرة السياسات الاقتصادية على التقليل من التبعات، فاتجهت نحو زيادة الرسوم والضرائب، وتقليل الدعم الاجتماعي، فزاد الوضع المعيشي صعوبة".
ويشير الحمدان إلى دور الفساد وتجار الحرب في تفاقم الوضع الاقتصادي، في ظل إخفاقات الحكومة في تعزيز قنوات الإنتاج. ويضيف: "نتيجة ذلك، تضاعفت فاتورة الغلاء فطالت كل المفاصل، من طعام وشراب وسكن ومواصلات ولباس وصحة".
وتؤدي الحوالات الخارجية التي يرسلها الأبناء المغتربون دوراً كبيراً في إسناد أسرهم شهرياً، لكنها لا تشكل حلاً مستقراً يكفي لرفع الاقتصاد، ويرى الحمدان أن "الأجور قليلة، وحتى لو زادت الرواتب إلى مليون ليرة، فلن تحل المشكلة المعيشية؛ لأن الفجوة كبيرة جداً وتكاليف المعيشة مرتفعة".
وأضاف الحمدان أن على الحكومة اتخاذ خطوات إنقاذية سريعة، تشمل كل شيء، حتى استثمار الحكومة لممتلكاتها. ويضيف: "لا بد من اتجاه الحكومة لاستثمار ملكياتها العقارية، فلديها أكثر من 90 ألف عقار ومنشأة، يمكن استثمارها بالشراكة مع القطاع الخاص".
وبشأن الأرقام المتداولة لتكاليف معيشة الأسرة السورية شهرياً، يرى الباحث الاقتصادي الدكتور عابد فضلية أن مبلغ 12 مليون شهرياً، ما يقارب "850 دولاراً"، يعني الأسر المكونة من ثمانية أشخاص.
ويتابع فضلية، لـ"الخليج الان": "في حال كان عدد الأفراد 5 أو أقل؛ فمبلغ 12 مليون شهرياً، "850 دولاراً"، مبالغ به؛ خاصة لأسرة زراعية أو حرفية تعيش خارج المدن والمناطق غير المكتظة".
المشكلة في تدني الأجور
ويشير فضلية إلى أن المشكلة الأساسية متعلقة بتدني مستوى الدخل، ويضيف: "راتب الموظف 400 ألف ليرة شهرياً، "25 دولارا"، وهو منخفض جداً ولا يعادل 20% من الحد الأدنى لمعيشة أي عائلة مهما قلّ عدد أفرادها".
ويرى فضلية أن غياب الخطط الإنقاذية هو أحد أسباب تفاقم المشكلة، لكن المعاناة الأساسية تتركز في ضعف إيرادات الخزينة العامة للدولة.
ويحاول السوريون بشتى الطرق ابتكار أساليب لتأمين حاجياتهم اليومية، عبر إطالة ساعات العمل أو تعدد أنواعه، والقيام بمشاريع صغيرة داخل المنازل، واستنفار جميع أفراد الأسرة للبحث عن عمل، حتى فئة الأطفال.