محمد الرخا - دبي - الخميس 9 مايو 2024 10:06 صباحاً - أثارت العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة التي طالت معبر رفح البري، التساؤلات عن إمكانية توسعها نحو احتلال كامل لمحور فيلادلفيا، الذي يفصل القطاع عن الأراضي المصرية.
وأنشأ المحور عام 2005، بموجب اتفاق مصري إسرائيلي أُطلق عليه اسم "اتفاق فيلادلفيا"، كان هدفه وقف عمليات التهريب وتدمير الأنفاق الفلسطينية الممتدة من المنطقة الخاضعة لسيطرة الفلسطينيين لسيناء.
والمحور عبارة عن شريط ضيق بين مصر وغزة يبلغ طوله 14 كيلو مترًا، من البحر الأبيض المتوسط غربًا وحتى معبر كرم أبو سالم شرقًا؛ إذ سيطرت حركة حماس عليه العام 2007 عقب أحداث الانقسام الفلسطيني بغزة.
محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين) الفاصل بين مصر وقطاع غزة(أ ف ب)
أهمية المحور
وقال تقرير عبري، إن "عملية رفح العسكرية لن تحمل أية قيمة ولا يمكنها أن تحقق أهدافها دون السيطرة على محور فيلادلفيا"، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "يضحي بحياة الأسرى الإسرائيليين على مذبح النصر الكامل"، وفق تعبيره.
وأوضح التقرير، الذي أعدته صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، أن "عملية رفح لن تحقق أهدافها ولا يمكن أن تؤدي لنصر كامل دون السيطرة على محور فيلادلفيا"، مبيناً أن العملية العسكرية تأتي لإرضاء شركاء نتنياهو بالائتلاف الحكومي.
وأشار التقرير، إلى أن "عملية رفح تهدف لإبادة كتائب حركة حماس المتبقية هناك، سواء حدث وقف لإطلاق النار وعاد الأسرى أو لم يحدث ذلك"، لافتاً إلى أن نتنياهو يفضل الشركاء الائتلافيين على حياة الأسرى.
أهداف ملموسة
ويرى الخبير في الشأن العسكري، واصف عريقات، أن "الجيش الإسرائيلي لديه مخططات لتوسيع عملياته العسكرية شرقي رفح تجاه محور فيلادلفيا"، لافتًا إلى أنه دون ذلك فلن تحقق عملية الجيش العسكرية أي أهداف ملموسة.
وأوضح عريقات، في حديث لـ"الخليج الان"، أن "المحور يمثل هدفاً استراتيجياً للجيش الإسرائيلي، وأن التواجد فيه سيؤدي لإطباق الخناق العسكري على سكان غزة وحركة حماس"، مبيناً أن التحرك نحوه سيكون بشكل تدريجي.
وأضاف: "إسرائيل تروج منذ السابع من أكتوبر لأهمية إعادة احتلال المحور لتحقيق حربها على قطاع غزة الأهداف المرجوة، وبتقديري فإن مجازفتها باجتياح رفح وتجاهل التحذيرات الدولية، سيدفعها لاحتلاله بالكامل".
وأشار إلى أن "احتلال المحور سيمكن الجيش الإسرائيلي من إحكام سيطرته العسكرية على رفح، كما أنه سيؤثر على التحرك العسكري للجناح المسلح لحماس بالمدينة"، لافتاً إلى أن الجيش لن يجد صعوبة في إعادة احتلاله.
وأرجح المحلل العسكري ذلك، إلى أن "العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي قبل الانسحاب من المحور عام 2005، أدت إلى جعله منطقة خالية من السكان ومدمرة بالكامل، حيث لم يتم إعادة إعمارها"، قائلاً: "لا يحتاج الجيش الإسرائيلي لضربات مكثفة من أجل إعادة احتلاله".
تجنب حدود المحور
ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة، أن "إسرائيل ستعمل عسكرياً بالقرب من محور فيلادلفيا مع تجنب الاحتكاك بالحدود مع مصر بقدر الإمكان"، لافتاً إلى أنها قد تترك مساحة بينها وبين المحور.
وقال أبو زايدة، لـ"الخليج الان"، إن "التحرك العسكري الإسرائيلي في حدود المحور ستكون بالتوازي مع التقدم أو التراجع بمفاوضات التهدئة مع حماس"، مضيفًا: "من الواضح حتى اللحظة أن العملية العسكرية برفح محدودة وتطورها يعتمد على نجاح أو فشل المفاوضات".
وأوضح أن "فشل المفاوضات يعني اتخاذ الجيش الإسرائيلي قراراً باجتياح بري واسع النطاق لرفح، يشمل محور فيلادلفيا، الذي سيكون من السهل عليه احتلاله، خاصة مع سيطرته على معبر رفح الذي يمثل نقطة استراتيجية بالمحور".
وأشار إلى أن "إسرائيل تدرك جيداً حجم الغضب المصري من العملية العسكرية قرب حدودها، وتأثير ذلك على الاتفاقيات الموقعة بين القاهرة وتل أبيب"، مبيناً أن ذلك سيدفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتكثيف الاتصالات الدبلوماسية مع مصر لمنع أي أزمة دبلوماسية.
وبين أبو زايدة، أن "مصر سيكون لها موقف حاسم من التحرك العسكري في المحور، كما أنها تبذل بالوقت الراهن جهودًا استثنائية من أجل الوصول لاتفاق يمنع توسيع العملية العسكرية"، مشدداً على أن فشل تلك الجهود سيحرج جميع الأطراف الإقليمية والدولية، وفق تقديره.