يشارك بمهرجان أفلام السعودية.. "المرهقون" فيلم يمني عن إجهاض المستقبل

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 8 مايو 2024 02:13 مساءً - يراهن المخرج اليمني "عمرو جمال" في فيلمه "المرهقون" على المواءمة بين أبطاله والمدينة التي يعيشون فيها، راسمًا ملامح التعب على وجوههم بحساسية عالية، وفي الوقت ذاته يرسم انعكاسات الإرهاق على وجه "عدن" كمسرح للأحداث، وكأنه يؤنسن المدينة بلقطاته التي تنتقل من الأكثر قربًا على وجوه أبطاله، إلى اللقطات الواسعة التي تصور خصوصية "عدن".

Advertisements

الفيلم الذي يشارك في مهرجان أفلام السعودية مقتبس عن قصة حقيقية عن عائلة مكونة من أب وأم يعانيان صعوبةَ الأوضاعِ الاقتصادية في اليمن، وانعكاس ذلك على تربية أولادهم الثلاثة، ومع اكتشاف الزوجة أنها حامل من جديد، يبدأ صراع حاد للزوجين مع الإجهاض، الذي سبق وفكَّرا به قبل إنجاب ثالث أطفالهم، وذلك رغم إدراكها للموانع الدينية والعواقب الاجتماعية التي ستواجههما.

بوستر فيلم المرهقون متداول

واختار المخرج عمرو جمال الذي كتب فيلمه بالشراكة مع مازن رفعت، أن تدور الأحداث عام 2019 في عدن، لما شهدته المدينة مع ظروف شديدة القسوة آنذاك، حيث الوجود العسكري المكثف والانهيار الاقتصادي المتسارع كانعكاس لحرب 2015، لدرجة أن عدن -فعلًا- منهكة، وسكّانها مرهقون للغاية وبدؤوا بفقدان الأمل من واقعهم، وكأن ما يعاينوه هو إجهاض لمستقبلهم.

ومن هنا تندغم فكرة إجهاض المدينة عسكريًّا واقتصاديًّا مع البعد الإنساني والاجتماعي للإجهاض الذي يفكر به أبطال فيلم "المرهقون"، خاصةً في ظل إرهاصات الخوف والمسؤولية الإنسانية التي سيتحملها الوالدان تجاه ابنهم الجديد، وإحساسهما البليغ بعدم قدرتهما على ذلك، بحيث باتت لديهما قناعة أن إنجاب الطفل الجديد إلى الحياة، هو خطيئة أعظم من إجهاضه، ضمن معضلة وجودية عدمية.

الفيلم عرض عالميًّا للمرة الأولى في فبراير 2023 ضمن مهرجان برلينالة بدورته الثالثة والسبعين، وهو من بطولة خالد حمدان، وعبير محمد، وسماح العمراني، وإسلام سليم، ورؤى الهمشري، وعمر إلياس، ورغم قسوة الخيارات الإنسانية التي يعيشها الأبطال وقسوة واقعهم المادي، فإن المخرج عمرو جمال اتكأ على شاعرية الصورة وغنائيتها إلى حد بعيد.

إذ لم يُؤثِر صاحب فيلم "10 أيام قبل الزفة" اتخاذَ نبرة عالية للقضية التي يعالجها سينمائيًّا، ولا حتى أن يكون اشتغاله على شريطه يحمل في ثناياه نوعًا من الشفقة تجاه أبطاله، أو استجداءً عاطفيًّا، بل على العكس سعى لتصوير أبطاله بكامل واقعيتهم وهواجسهم ومخاوفهم وغضبهم وتردُّدهم، موائمًا بين توتُّرهم الداخلي والتوتر الذي تعيشه مدينتهم، معتبرًا ذلك، كما صرح في أحد حواراته، "فرصة نادرة لتأمل المكان، وتوثيق مدينة عدن من خلال فيلم سينمائي، وهو أمر قد لا يكون من السهل تكراره في وقت قريب".

ولذلك لجأ إلى التصوير الهادئ الذي يعتمد على لقطات واسعة بانورامية، تُكسب المكان خصوصية لا تقل عن أهمية الشخصيات التي رغم كل الظروف التي يمرون بها تبقى شخصيات قوية تحاول أن تعيش واقعها بعزة نفس وتحارب كل يوم من أجل أن تحقق لأطفالها ولنفسها حياة كريمة.