مسلسل"غزالي المدلل ".. دائرة جهنمية من العلاقات العاطفية المسمومة

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 8 مايو 2024 12:03 مساءً - إيقاع سريع لاهث ودراما نفسية عن الأذى العاطفي والعلاقات المسمومة يجسدها ببراعة مسلسل "غزالي المدلل" أو Baby Reindeer، الذي حقق شهرة على "نتفلكس" منذ بدء عرضه، أخيرا، حتى أنه تصدر قائمة الأكثر مشاهدة في أكثر من بلد، وحقق أكثر من 13 مليون مشاهدة في أسبوعه الأول فقط.

Advertisements

جزء من الجاذبية التي أحيطت بالعمل يتمثل في حقيقة أنه يستند إلى قصة واقعية، شديدة الغرابة، تعرض لها بطل المسلسل الفنان الكوميدي الأسكتلندي ريتشارد جاد الذي تحولت حياته إلى جحيم، بسبب مطاردة معجب مهووس به لمدة 6 سنوات، لاحقه فيها بأكثر من 41 ألف رسالة بريد إلكتروني و350 ساعة من البريد الصوتي.

في المسلسل، تحولت شخصية المهووس إلى سيدة أربعينية تدخل الحانة التي يعمل فيها "دوني"، الممثل الكوميدي الفاشل الذي جاء إلى لندن ليحقق حلمه بأن يصبح أحد مشاهير فن الفكاهة، فينتهي به الحال في مهنة بسيطة يؤديها دون شغف وهي خدمة الزبائن من رواد المكان. يلفت نظره بؤس السيدة وصمتها وحين يسألها عما تريد تناوله، تخبره أنها لا تملك المال، فيقترح كوبا من الشاي على الأقل، فتعترف أنها لا تملك حتى ثمنه. وهنا يرتكب خطأه التراجيدي الأعظم، فيقدم لها هذا الكوب على حساب المحل.

مارثا (جيسيكا كاننج)نتفلكس

تسعد السيدة، التي جسدت شخصيتها ببراعة شديدة الممثلة جيسيكا كاننج، بما قاله، تنفرج أساريرها وتنفتح شهيتها للحديث فتخبره أنها تدعى "مارثا " وتعمل محامية متخصصة في تقديم استشارات قانونية لعدد من مشاهيرالمجتمع، كما أنها تمتلك عددا من العقارات في أماكن مميزة من العاصمة البريطانية.

ورغم الكذب الواضح في حديثها، ينجذب إليها ويتحول تعاطفه إلى إعجاب خفي، رغم بدانتها اللافتة، وتصبح زيارتها إليه في مقر عمله طقسا يوميا. وبينما يرى الأمر نوعا من الصداقة، تنمو بداخلها مشاعر جارفة من الغرام الموسوم بالهوس والمطاردة.

يحاول أن يتخلص منها، فتكشف عن وجه مرعب شرس قوامه التشهير وملاحقة كل معارفه وأصدقائه، بل ووالديه أيضا، عبر مواقع التواصل وأيضا على أرض الواقع. تتحول حياته إلى جحيم، ويشعر أنه يختنق ببطء، وبعد رحلة معاناة، يصدر بحقها أخيرا حكم بالسجن 9 أشهر، وأمر بتقييد اقترابها منه لمدة 5 سنوات.

ريتشارد جادنتفلكس

يتخلل الخط الدرامي الرئيس خطوط فرعية نكتشف عبرها مدى هشاشة البطل نفسيا، وكيف يعيش في صحراء من الوحدة والاغتراب وافتقاد الدفء مع بحثه اليائس عن شريك حياة يشعره بالسعادة ويخلصه من أزمة انعدام الثقة في نفسه. وتتجلى المفارقة الكبرى، على المستويين النفسي والدرامي، حين يتملك البؤس حياة البطل إلى حد أنه يعلم أن "مارثا " مختلة نفسيا وذات ماض إجرامي، ودخلت السجن في قضية مطاردة سابقا، ومع ذلك يعيد علاقته بها؛ لأنه لم يجد أحدا يهتم به ويناديه طوال الوقت بـ "غزالي المدلل" سوى تلك المختلة المخيفة، ليدخل بإرادته في حلقة مفرغة من العلاقات المؤذية.

الطريف أن بطل العمل ريتشارد جاد، كاد يعاني من ملاحقة جمهوره ومتابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي الذين أعجبهم العمل، لكن الفضول استبد بهم في معرفة من هو المعجب بطل القصة الحقيقية، وما مصيره، وهل صدر بحقه حكم قضائي فعلا.