لوموند: أوروبا على مفترق طرق إثر تحولات اقتصادية "زلزالية"

محمد الرخا - دبي - الأحد 5 مايو 2024 01:06 صباحاً - يواجه المشهد الاقتصادي في أوروبا "تحولات زلزالية"، مع اكتساب "الحمائية" زخماً على مستوى العالم؛ ما دفع إلى إعادة تقييم السياسات التجارية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

Advertisements

و"الحمائية" هي مجموعة من الإجراءات والسياسات الاقتصادية التي تقيّد التجارة بين الدول من خلال حماية الإنتاج الوطني من المنافسة الأجنبية.

وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، إنه ولعقود كان الاتحاد الأوروبي يفتخر بالتزامه بالتجارة الحرة، مقتفياً بذلك خطى ألمانيا ومؤيداً للانفتاح على العالم.

تحديات جديدة للاتحاد الأوروبي

ولفتت إلى أنه ومع ذلك وفي خضم انهيار التعددية وتصاعد الحمائية، يجد الاتحاد الأوروبي نفسه في مواجهة تحديات جديدة، ولأنها ممزقة بين الدول الأعضاء، وأبرزها فرنسا وألمانيا، اللتين قد تتباعد مصالحهما، فإن أوروبا تبحر عبر ضرورات متضاربة.

وأشارت الصحيفة إلى أن أوروبا تسعى إلى تحقيق النمو في مناطق مثل أفريقيا، أو آسيا، أو أمريكا الجنوبية، في حين تهدف إلى الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ما يتطلب اليقظة في الظروف التجارية، مبينة أن أوروبا تهدف إلى تقليل التبعيات، والسعي إلى الاستقلال الذاتي مع تنويع مصادر مشترياتها.

وبدورهم، يرصد المراقبون في واشنطن، أو بكين، أو نيودلهي، أو برازيليا عن كثب التطورات في بروكسل، معربين عن مخاوفهم إزاء ميل الاتحاد الأوروبي المتزايد نحو تدابير الحماية.  

كما سلط المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينج الضوء على هذه المخاوف في العاشر من أبريل/ نيسان.

منافسة شديدة

ويواجه الاتحاد الأوروبي منافسة شديدة من أكبر شريكين تجاريين له.

وهيمنت الصين، أكبر مورد لها، على القطاعات ذات القيمة العالية، ما يشكل تهديدا مباشرا للصناعات الأوروبية.

وفي الوقت نفسه، أقامت الولايات المتحدة، العميل الرئيس للاتحاد الأوروبي، حواجز تجارية جديدة منذ رئاسة دونالد ترامب، مع تغيير طفيف في ظل إدارة جو بايدن.

كما كشفت جائحة كورونا عام 2019 عن ضعف الاتحاد الأوروبي في مواجهة اضطرابات سلسلة التوريد، ولاسيما من الصين.

وسلطت الحرب الروسية الأوكرانية وما تلا ذلك من قطع الغاز عنها الضوء على العواقب المترتبة على التبعية.

تدابير لتعزيز آليات الدفاع التجاري

وأكدت "لوموند" أنه في حين اتخذ الاتحاد الأوروبي تدابير لتعزيز آليات الدفاع التجاري وتصدير المعايير البيئية والاجتماعية، فإنه يواجه تحديات في التفاوض على اتفاقيات التجارة الحرة الجديدة، موضحة أن رفض الاتفاقية الاقتصادية والتجارية الشاملة (CETA) من قبل مجلس الشيوخ الفرنسي والطريق المسدود مع ميركوسور يجسدان العقبات.

ومن جانبه، شدد تيري بريتون، مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية، على التزام أوروبا الانفتاح، مؤكدا الحاجة إلى تعديل الظروف.

ومع ذلك، فإن الموقف المتطور للاتحاد الأوروبي لم ينعكس بشكل كبير في إحصاءات التجارة.

تعزيز ترسانة الاتحاد الأوروبي

ومن أجل حماية صناعاته وتعزيز النمو في القطاعات الاستراتيجية، يعمل الاتحاد الأوروبي على تعزيز ترسانته الدفاعية التجارية وتبني تدابير متبادلة. ومع ذلك، فإنها تواجه عملية توازن دقيقة وسط التوترات الجيوسياسية والترابط الاقتصادي المتبادل.

وشددت الصحيفة على أنه بينما ترسم أوروبا مسارها وسط تزايد نزعة حماية مصالحها الاقتصادية، فإن المخاطر مرتفعة، ويتعين على الاتحاد الأوروبي أن يبحر عبر مشهد معقد، وأن يوازن بين الضرورات الاقتصادية والحقائق الجيوسياسية في حين يعمل على حماية مصالحه في ساحة عالمية متزايدة التنافسية.