بدر بن عبد المحسن.. "أمير القصيدة" الذي تمرد على الخيال القديم

محمد الرخا - دبي - السبت 4 مايو 2024 01:06 مساءً - جاءت نصوصه مشوبة بالشوق، ومضمخة بالحنين والشكوى، ومضيئة بفوانيس الفكرة المشعة، التي تنور شوارع قلوب العشق، وتلطف حلم الزمان الآتي بنسمة تثير الحواس والأنفاس، فكان من أهم رواد النص الشعري الحديث، وأحد المغامرين، والمغيّرين في ملامح القصيدة الشعبية الحديثة.

Advertisements

يرسم هذا الوصف الوارد في كتاب "مسارب ضوء البدر" للناقد السعودي إبراهيم الشتوي، الكثير من ملامح مسيرة إبداعية كبرى للشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن، الذي حظي بألقاب عديدة منها "مهندس الكلمة" و"البدر". والحق أنّ تلك الأوصاف لا تحمل أي مبالغة، فالشاعر السعودي الذي رحل عن عالمنا اليوم كان بالفعل بدرًا أنار سماء التجديد الشعري، متمرّدًا على الخيال القديم والصور الجاهزة، واشتهر بصياغته لتراكيب لغوية جديدة وكأنه نحات يمسك بإزميل الإبداع، ليخرج لنا منحوتات بديعة من الكلمات والصور البلاغية.

وجاءت أشعاره لتحقق معادلة العمق والبساطة في سبيكة لغوية جذابة تبتعد عن المقعر والمعقد من الألفاظ، وترسم الكثير من قصائده حالة بصرية وكأننا أمام مشهد سينمائي. ورغم أن كبار المطربين في الخليج والعالم العربي قدموا الكثير من قصائده في أغان شهيرة، إلا أن الثنائي طلال المداح ومحمد عبده يظلان الأقرب إلى مسيرته؛ إذ يقول عنهما "حين كنت في بداياتي وأقدم لونًا جديدًا من الشعر لا يحبذه المطربون، كان طلال مداح ومحمد عبده على استعداد لمشاركتي مغامرتي في غناء اللون الحداثي من الشعر".

على المستوى الإنساني، كان غزير الثقافة، متدفق المعلومات، حلو الحديث، يلتقط المفارقة ويبرزها على شكل مداعبة أو سخرية تنال من مظاهر الزيف ومواطن السلبيات. ورغم أنه كان شديد التواضع رغم أصوله الملكية رفيعة المقام، إلا أنه كان شديد الاعتزاز بنفسه كشاعر كبير أحدث الفارق. وكانت له في هذا السياق فلسفة فريدة يوضحها بقوله: "عندما يقول أحد أين أنت من شوقي؟ أين أنت من البحتري وكبار الشعراء؟ فيمكن أن يجيله إحساس أنه يبطّل يكتب".

وكان يحذر الشباب المبدعين من التواضع الإبداعي الزائف، فالطموح في الشعر والإبداع يجب ألا يكون بلا سقف ويناشدهم ألا يقولوا "أبغى أصير مثل فلان"، بل أن يقولوا "أبغى أصير أفضل منه"، لأنّ "هذه ما فيها أي شيء من الغرور". وفق رؤيته.

ولد بدر بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود، في الرياض، في 2 أبريل 1949، ونشأ في بيت كان قبلة للعلماء والمفكرين كما تربى على مكتبة عامرة بنفائس الشعر وزخائر الأدب. وهكذا اجتمعت كل الظروف لتجعل منه شخصية استثنائية عميقة الثقافة، بعيدة الرؤية.