خبراء: إيران تحاول تأجيج الوضع في الضفة الغربية لإجهاض التهدئة في غزة

محمد الرخا - دبي - السبت 4 مايو 2024 10:10 صباحاً - قال خبراء إن ما تشهده مناطق الضفة الغربية من احتجاجات واندلاع اشتباكات عسكرية واسعة في عدد من المدن والمخيمات، بين مجموعات مسلحة تابعة لإيران والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، هو تدخل إيراني لخلط الأوراق في ساحة الضفة، في ظل الحديث عن قرب توقيع اتفاق وقف إطلاق نار في غزة بين إسرائيل و"حماس" بوساطة مصرية قطرية ورعاية أمريكية.

Advertisements

وجرى أعنف الاشتباكات في مخيم طولكرم، حيث قُتل قيادي بارز في كتيبة طولكرم؛ ما أدى إلى ارتفاع وتيرة الاشتباكات.

انفجار وشيك

وقال المحلل السياسي محمد دياب إن المشهد في الضفة الغربية يوشي بقرب حدوث انفجار في ظل حالة الاحتقان السائدة بين المجموعات المسلحة المحسوبة على إيران، والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، التي شابها الكثير من عمليات الاشتباك المسلح وعشرات حالات الاعتقال.

وأضاف دياب، في حديث لـ "الخليج الان"، أن "وتيرة هذه الاشتباكات ارتفعت مع قرب التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب على غزة، ما يؤكد أن إيران بدأت بعملية خلط الأوراق في ساحة الضفة الغربية؛ لمنع أية حالة هدوء في المنطقة قد تفضي إلى فقدان قدرتها على التأثير في القرار الفلسطيني".

وتابع دياب: "لا يخفى على أحد أن إيران استطاعت أن تصنع وتمول أجساما عسكرية في عدد من الدول العربية أعطتها القدرة على التحكم في مصير تلك الدول وقراراتها السياسية والعسكرية، مثل لبنان واليمن والعراق، وسلبت قراراتها السيادية، وكذلك تفعل إيران في فلسطين من خلال دعم مجموعات مسلحة واستغلال حاجتها للمال والسلاح في الدفاع عن المخيمات والمدن في الضفة؛ لتنفيذ مخططات إيرانية تهدف إلى منع الاستقرار".

ولفت المحلل السياسي إلى أن "هذا يقودنا إلى أهداف التركيز الإيراني الواضح على الساحة الأردنية، من خلال دعوات النزول للشارع والتحريض على الاتفاقات الأردنية الموقعة نصرة للقضية الفلسطينية".

من جهته، قال الخبير في الشأن السياسي الفلسطيني يحيى قاعود إن إيران تتذرع في كل مرة بأنها تقوم بدعم الفلسطينيين بناءً على طلب منهم، في حين أنها تدعمهم رغبة في أن يخدموا مشروعها الخاص لا سيما المشروع النووي، من خلال صناعة جبهات ضاغطة يمكن من خلالها الحصول على اتفاق مُجدٍ مع الإدارة الأمريكية في المنطقة.

وأوضح قاعود، في حديث لـ "الخليج الان"، أنّ ذلك "يظهر جليًا من النماذج السابقة للتدخلات الإيرانية، وكيف حوّلت إيران تلك الدول إلى بيئة متهالكة متخمة بالفقر والانهيار الاقتصادي، وانتشار مظاهر القتل والتشرد، بعد أن قامت بدعم طرف على حساب طرف آخر من البلد نفسه، قسّم الدولة إلى قسمين وأفقدها قدرتها على التأثير من خلال اتخاذ أي قرار".

واعتبر أنّ "الضفة الغربية هي استكمال للمشروع الإيراني في فلسطين، بعد أن قامت بترسيخه في قطاع غزة، وصنعت فصائل فلسطينية مسلحة تدين بالولاء الكامل لإيران، مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي".

دعم متصاعد

وأشار قاعود إلى أن "هذا الدعم الإيراني ازداد في الآونة الأخيرة بعد معركة سيف القدس في مايو 2021؛ إذ وجدت إيران الفرصة في المخيمات الفلسطينية من خلال حركة الجهاد الإسلامي ببدء تشكيلات مسلحة تتبع الحركة في معظم مخيمات الضفة، وتحمل هذه التشكيلات أسماء متشابهة، مثل كتيبة جنين وكتيبة طولكرم وكتيبة نابلس..."

وأكّد أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية التابعة للسلطة تشعر أنها مستهدفة بشكل مستمر، وأن هناك مخططا ما لإزالتها والسيطرة على المشهد في الضفة الغربية، كما فعلت حركة "حماس" في قطاع غزة عام 2007 عندما انقلبت على السلطة الفلسطينية بالسلاح، وقتلت نحو 700 من عناصر الأجهزة الأمنية في غزة.

وأوضح أنه "لهذا السبب أكدت الأجهزة الأمنية في عدة بيانات سابقة أنها لن تسمح بالفلتان الأمني وانتشار فوضى السلاح الذي يقوض قدرتها على ضبط الأمن، وأنها ستضرب بيد من حديد كل من يحاول أن يتلاعب ويتدخل في الجبهة الداخلية الفلسطينية".

وكانت حركة "فتح" قد اتهمت إيران، في بيان رسمي قبل نحو شهر، بمحاولة إشاعة الفوضى في الضفة الغربية، وقالت إنها ستعارض أي عمليات من الخارج لا صلة لها بالقضية الفلسطينية.

وجاء في البيان أن الحركة تؤكد "رفضها للتدخلات الخارجية، وتحديدا الإيرانية، في الشأن الداخلي الفلسطيني.. هذه التدخلات لا هدف لها سوى إحداث الفوضى والفلتان والعبث بالساحة الداخلية الفلسطينية، الأمر الذي لن يستفيد منه إلا الاحتلال الإسرائيلي وأعداء شعبنا الفلسطيني"، وفق البيان.

وذكرت الحركة، وهي الفصيل الرئيسي في الضفة وتهيمن على السلطة الفلسطينية، أنها لن تسمح باستغلال القضية الفلسطينية "كورقة لصالح مشاريع مشبوهة لا علاقة لها بشعبنا الفلسطيني ولا قضيتنا الوطنية".

وقالت "فتح" إنها ستحبط أي تدخل خارجي يهدف لإلحاق الضرر بقوات الأمن والمؤسسات الوطنية، وأشارت إلى أن الحركة "ستكون بالمرصاد لهؤلاء العابثين، وستقطع اليد التي تمتد للعبث بساحتنا أو المساس بأجهزتنا الأمنية أو أي من مؤسساتنا الوطنية".