نجوم التلفزيون.. من هواة للتمثيل إلى قادة رأي

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 1 مايو 2024 06:03 مساءً - يقول البعض، إن الشهرة أثَّرت على الكثير من الممثلين، فبدأوا بالظهور على الفضائيات أو صفحاتهم الشخصية كمنظّرين في الفكر، وباحثين في التاريخ وتجارب الشعوب، حتى إن بعض المؤسسات الثقافية، كرّست عندهم هذا الوهم، وصارت تعاملهم كقادة رأي.

Advertisements

ويتساءل المهتمون بالشأن الثقافي، أين هم المفكرون والفلاسفة والأدباء والمسرحيون وغيرهم، في هذه المرحلة؟ وهل تتحمل وسائل الإعلام مسؤولية تسويق الممثلين كمفكرين؟ ولماذا يصمت النقاد على حالات كهذه؟

يقول الناقد والكاتب سامر محمد إسماعيل لـ"‘الخليج 365" "السلطة، كرّست هؤلاء الممثلين كواجهة ثقافية. فهم يتكلمون في السياسة والطبخ، وكل شيء يمكن أن يخطر على البال. هناك تغييب للنخب الثقافية، في المسرح، والتشكيل، والأدب، ومناحي الفكر المختلفة".

ويرى الناقد المصري محمد عبد الرحمن، أن القضية هي من توابع المتغيرات التي حصلت بسبب مواقع التواصل الاجتماعي. ويضيف لـ"الخليج 365": "أعتقد الكثير من النجوم، أن بإمكانهم امتلاك نجومية أخرى غير دورهم الأساس في التمثيل، لكن لاعب الكرة هو لاعب كرة، والممثل ممثل، هناك ممثلون لديهم مقومات حقيقية من الثقافة، لكنهم قلة نادرة".

أخبار ذات صلة

جبل اللويبدة في الأردن.. ملتقى المثقفين والمكان المفضل للأجانب المقيمين

ويشير عبد الرحمن، إلى مساهمة الجمهور في صناعة هذا الوهم الذي يعاني منه الممثلون، ويضيف: "البعض بات يعتبر تهليل الجمهور شرط النجاح الوحيد، وبات من الصعب على الصحافة ألا تنقل ما يحدث، عندما يشرع كل فنان بإبداء رأيه بكل قضية، مثل المشاهير بذريعة حرية الرأي".

وتشير الكاتبة السورية نور قزاز، إلى أن هناك فجوة لابد من سدها بين المثقفين والجمهور، ترجع إلى اللغة والأسلوب في المخاطبة. وتضيف قزاز لـ"الخليج 365": "يمكن للمثقفين استخدام اللغة البسيطة، وتقديم أمثلة حية من الحياة، واستخدام الوسائط المتعددة لجذب الانتباه وتسهيل الفهم. كما يمكن لوسائل الإعلام أن تروّج للثقافة بأسلوب يتناسب مع مستوى فهم الجمهور، بحيث تكون الثقافة جزءًا من الحياة اليومية وليس شيئًا يُنظر إليه كأمر معقد أو مملّ".

المشكلة في المؤسسات

وتلقي الشاعرة السورية رولا حسن، باللوم على المؤسسات الثقافية التي تهمّش المثقفين. وتضيف لـ"الخليج 365": "إنها مسؤولية المؤسسة الثقافية الفارغة، التي تعمل على صناعة هذه النماذج وتسويقها عبر المؤسسة الإعلامية الشبيهة بها. يريدون تهميش وإقصاء الشعراء والفلاسفة والروائيين وعلماء الاجتماع. هؤلاء لا نراهم في مجالاتهم على وسائل الإعلام، لأنهم إما غادروا البلاد، وإما انكفؤوا".

ويؤكد الناقد محمد عبد الرحمن، أن على الممثلين الاقتناع بأنهم يحتاجون إمكانات كبيرة تؤهلهم للتواصل مع الجمهور حول القضايا الجوهرية، ويضيف: "الحديث في قضايا تخص الرأي العام، تتطلب إمكانيات معرفية لابد للممثلين من امتلاكها، فيجب عليهم الإلمام والتفكير جيدًا قبل أن يكتبوا أي كلمة خارج الكاميرا وخارج عملهم كممثلين".

"لا يمكن للممثلين ملء الفراغ الثقافي لأنهم ليسوا في مكانهم على الإطلاق"

تفريغ الأشياء من محتواها

وتعتقد رولا، أن هناك اتجاهًا عامًا في الثقافة العربية، يميل إلى التسطيح وتفريغ الأشياء من محتواها الحقيقي والجوهري. وتضيف: "العملية ليست عبثية، وإنما لتفريغ الأشياء من معناها الحقيقي. هذه سياسة متبعة في كل المؤسسات الإعلامية والثقافية. ومثل هؤلاء الأشخاص يُستخدمون لفترة ثم يجري استبدالهم وتصنيع غيرهم لاحقًا. لا يمكن للممثلين ملء الفراغ الثقافي لأنهم ليسوا في مكانهم على الإطلاق".

ويبدو أن وسائل الإعلام، غير بريئة من المشاركة في تحويل الممثلين إلى مفكرين وقادة رأي، بالنسبة للكاتبة نور قزاز، فحرص تلك الوسائل على التشويق والإثارة وجذب الجمهور، هو الدافع وراء تصدر الممثلين دائمًا على الشاشات.

وتضيف نور: "هذا الاتجاه قد يكون مدفوعًا بالرغبة في الحصول على نسب مشاهدة عالية وجلب الإعلانات التي تدر دخلاً، لكن هذا ليس عذرًا، فالمتضرر الأكبر في ذلك هو الثقافة والفكر".

ودرجت خلال السنوات السابقة، إطلالات المثقفين على شاشات التلفزة والندوات، كمفكرين وباحثين في التاريخ، مع أنهم غير أكاديميين في هذه الاختصاصات، ولا يمتلكون الثقافة التي تؤهلهم لخوض هذه المجالات. فهل يعيد النقد الأمور إلى وجهتها السليمة؟