الأول من مايو.. كيف غيّر نداء "يا عمال العالم اتحدوا" حياتنا إلى الأبد؟

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 1 مايو 2024 02:13 مساءً - بينما تجلس خلف شاشة كمبيوتر ضخمة وتحتسي الرشفات من قهوتك الصباحية، ربما يخطر ببالك أن حصولك على يومين كإجازة أسبوعية من عملك مع ساعات شغل لا تتجاوز الثماني يوميًا، فضلًا عن أجر شهري مجزٍ هي أشياء بديهية بل ربما تشكو منها باعتبارها عبئا في بعض الأحيان، لكن الحقيقة أنّ هذه "البديهيات" كانت حلمًا عصيًا بعيد المنال تحقق بالتضحيات والدماء قبل أن يصلك على طبق من ذهب.

Advertisements

يحلّ اليوم، الأول من مايو، "عيد العمال" الذي أصبح عطلة رسمية في معظم دول العالم ويسمى أيضا "يوم العمل" و"عيد العمل والربيع" ويظن كثيرون أنّ القصة الكامنة وراءه بدأت في الولايات المتحدة، لكن الحقيقة أن البداية كانت في نيوزيلندا عام 1840 التي شهدت أول نضال جماعي لتحديد ساعات العمل وكان صامويل بارنيل الذي يعمل "نجارًا" أول من انتزع هذا الحق ومن ثم انتقلت الفكرة عبر المحيط إلى أمريكا وكندا ثم أوروبا فيما بعد. وأقرّت نيوزيلندا أول عيد للعمال في 28 أكتوبر 1890 ثم عدلته ليصبح الاثنين الأخير من أكتوبر كل عام.

كان لعبارة "يا عمال العالم اتحدوا" الواردة في البيان، الذي كتبه الفيلسوفان الألمانيان كارل ماركس وفردريك إنجلز في 1848 تأثير ملهم على النضال العمالي حول العالم غير أنّ من تبنوها لم يتبنوا بالضرورة الأفكار والخلفيات الشيوعية التي تقف وراءها. وهكذا تطور النداء أو العبارة لتصبح "ثماني ساعات في اليوم دون اقتطاع للأجور". وهو الشعار الجديد في نسخته الأمريكية.

كان الكفاح الأمريكي ضرورة ضد ظروف خانقة يمتد العمل فيها بين 12 إلى 16 ساعة يوميًا مع أجر يومي لا يزيد على دولار ونصف الدولار مع غياب شبه تام للتأمين الصحي أو الإجازات مدفوعة الأجر وغيرها من الحقوق التي باتت أساسية في عالم اليوم.

ويعود اختيار الأول من مايو إلى أنه اليوم الذي تقرر فيه عام 1886 أن ينتزع العمال حقوقهم في الولايات المتحدة ويفرضون شروطهم الجديدة عبر تنظيم مظاهرات حاشدة بمشاركة مئات الآلاف. ولم يكن الأمر سهلًا، فقد اعتاد أرباب العمل الرّد بقسوة على تلك المطالب العادلة من خلال فصل العمال وتشريد قادتهم والتجسس عليهم واستئجار "بلطجية" للاعتداء عليهم، مع مكافأة من يرفض الانضمام إلى أي إضراب.

وفي 4 مايو من العام نفسه، شهدت مسيرة عمالية بميدان "هايماركت" في شيكاغو مذبحة راح ضحيتها عدد من رجال الشرطة والعمال نتيجة إلقاء قنبلة يدوية الصنع في حادث يلفه الغموض وتم اتهام العمال وصدرت ضد بعضهم أحكام بالإعدام والمؤبد.