محمد الرخا - دبي - الأحد 28 أبريل 2024 02:13 مساءً - مفاجآت بالجملة تتسم بالدهشة والغرابة يحتويها كتاب "وأجمل الذكريات ستأتي حتمًا" الذي صدر مؤخرًا في القاهرة عن دار "الكرمة " للكاتبة نولة درويش والدة الفنانة المصرية بسمة والذي ينتمي إلى أدب المذكرات.
ويمضي محتوى الكتاب في اتجاهين؛ أولهما اجتماعي شخصي يتناول أبرز المحطات في السيرة الذاتية للمؤلفة منذ ميلادها عام 1949، والثاني له طبيعة فكرية عامة.
وتكشف المذكرات عن حياة صاخبة عامرة بالأحداث عاشتها المؤلفة بسبب طبيعة وعيها واهتماماتها الخاصة حيث كانت ناشطة نسوية بارزة، وانتمت في مرحلة مبكرة من مراحل حياتها إلى الفكر اليساري، كما إنها نشأت في أسرة مصرية لأب وأم يهوديين اعتنقا الإسلام لاحقا عام 1947 وهما متزوجان. وكانت والدتها تسمى "إستر" ثم أصبحت "إقبال" أما والدها فظل محتفظًا باسمه العابر للأديان والثقافات وهو "يوسف".
وتصف المؤلفة أسرتها بأنها كانت أشبه بـ "مجمع أديان " امتزجت فيه اليهودية بالإسلام ثم بالمسيحية حيث تزوج شقيقها من امرأة مسيحية، فيما تزوجت ابنة أختها من مسلم.
وراء القضبان
وكان الأب يوسف درويش محاميًا معروفًا بدفاعه عن قضايا الطلبة والعمال؛ ما عرَّضه للاعتقال بصورة متكررة بتهمة الانتماء إلى أحزاب وتنظيمات شيوعية، حتى أنه عندما ولدت ابنته "نولة" كان يقضى عقوبته وراء القضبان.
وعندما كانت تسأل الطفلة الصغيرة والدتها عن سبب حبس والدها، كانت تبسط الأمر لها بصورة تناسب طفولتها الأولى فتخبرها أنه كان يدافع عن شخص ضعيف في الشارع ضد شخص قوي ظالم.
وتروى صاحبة المذكرات أن أباها كان على يقين من أنها ستكون بنتا وهي لا تزال جنينا في بطن الأم ، واقترح أن يتم تسميتها اسما غير تقليدي هو "ربوة "، إلا أن والدتها وجدته ثقيلا فأخذت تبحث في القاموس حتى عثرت على فعل "نال" ومشتقاته مثل "منال" و "نائلة " ثم فكرت في "نولة " ووافق الأب.
وتسبب الاسم في العديد من المشكلات لاحقًا كما حدث مع موظف السجل المدني الذي كان يسجل بيانات شهادة ميلاد الفنانة بسمة فكتب اسم الأم على أنه " فولة " بدلا من " نولة " وهو ما تطلب اجراء قانونيا لاحقا لتعديل الخطأ.
طفولة بسمة
ولم يستمر زواج نولة درويش طويلا حيث انفصلت عن والد ابنتها بسمة بعد سنوات قليلة، ولم يكن القرار سهلا بسبب رفض الطلاق بشكل عام اجتماعيا آنذاك، نهاية السبعينيات، خاصة حين تطلبه الزوجة كما إنها وجدت كثيرا من صديقاتها ومعارفها يبتعدن عنها وقد أصبحت مطلقة "بلا رجل". لكنها لا تزال حتى الآن تحرص على وجود علاقة ودية مع والد ابنتها كما جمعتها علاقة طيبة بزوجتيه المتتاليتين وتتعامل مع ابنه على أنه ابنها.
وتؤكد المذكرات أن بسمة كانت عنيدة في طفولتها وتميل إلى التجهم وتبكي كثيرا، كما كانت ترفض تناول الحليب والأطعمة المغذية وتتمرد على محاولات والدتها لأن تجعلها تنام مبكرا، وتصر على السهر حتى ساعات الصباح الأولى حين يكون هناك ضيوف بالبيت.