في ذكرى رحيلها.. لماذا أبكت "سناء جميل" نجيب محفوظ؟

محمد الرخا - دبي - السبت 27 أبريل 2024 07:06 مساءً - لا يكاد يوجد في تاريخ التمثيل العربي نموذج لتوحش الموهبة النسائية مع مآسي الحياة الخاصة وقسوة الثمن الذي دفعته ممثلة كي تتبع حلمها إلى آخر مدى، مثلما حدث مع الفنانة المصرية سناء جميل التي تحل اليوم 27 أبريل/ نيسان ذكرى رحيلها في عام 2002.

Advertisements

ولدت عام 1930 في محافظة المنيا بصعيد مصر لأسرة أرستقراطية ودرست في أرقى المدارس الأجنبية آنذاك، لكنها حين أرادت احتراف التمثيل عارضت الأسرة بشدة؛ معتبرة أن ابنتهم سوف تجلب لهم العار. وحين أصرت الفتاة الحالمة العنيدة، تبرأت منها العائلة وانهال عليها شقيقها ضربا حتى أنه تسبب في عاهة مستديمة لها تتمثل في ضعف سمعها.

وحين توفيت، انتظر زوجها الكاتب الصحفي لويس جريس ثلاثة أيام دون دفن الجثمان لعل الأسرة الصعيدية يرق قلبها وتتخلى عن مقاطعة الابنة ولو في الأمتار الأخيرة قبل مثواها الأخير، لكن العائلة ظلت على موقفها رغم تغير الزمن وتحولات العصر وتبدل المفاهيم.

اسمها الحقيقي ثريا يوسف عطا الله، واقترح عليها الفنان زكي طليمات أن تتخذ لها اسما فنيا هو "سناء جميل" فوافقت دون تردد. لم تكن أكثر بنات جيلها جمالا ولم تتمتع بإطلالة ساحرة من هذا النوع الذي يختصر الطريق سريعًا إلى المجد، لكنها كانت إحدى أكثر الموهوبات على مر الأجيال.

ظلت تنتقل من فيلم إلى آخر في مشاهد محدودة حتى رفضت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة دور "نفيسة" في فيلم "بداية ونهاية" عن رواية أديب نوبل نجيب محفوظ عام 1960، فذهبت إلى مخرج العمل صلاح أبو سيف ترجوه أن يسند لها دور الفتاة البسيطة التي يخدعها ابن الجيران ويسلبها عذريتها فتنحرف وتتحول إلى فتاة ليل، ثم تنتهي حياتها بطريقة بشعة.

صدق حدسها وتحول الدور إلى أحد أعظم إنجازاتها ونالت عنه جوائز دولية عدة، وقال عنه نجيب محفوظ في شهادة تاريخية: "لأول مرة تبكيني شخصية كتبتها ووجدتها على الشاشة تتنفس".

وفي عام 1988 كانت على موعد جديد مع الخلود الفني من خلال دورها الاستثنائي في مسلسل "الراية البيضا" لأسامه أنور عكاشة، والذي جسدت فيه بتمكن مذهل شخصية "فضة المعداوي" التاجرة الثرية المتسلطة التي تعادي كل قيم الأصالة والجمال، وتريد تحويل الفيلات التاريخية الأثرية إلى أبراج سكنية قبيحة.