لماذا يدمر الجيش السوداني مصادر المياه في دارفور؟

محمد الرخا - دبي - السبت 27 أبريل 2024 07:06 مساءً - عمد الجيش السوداني، في الآونة الأخيرة، إلى شنّ غارات جوية متتالية على مصادر المياه في دارفور، ما أدى لتدميرها تمامًا في عدة مواقع، خصوصًا مناطق الرعاة الرُحَّل بشمال دارفور.

Advertisements

وكان آخر غارات الجيش السوداني الجوية على دارفور شنها يوم الجمعة على مواقع الرعاة قرب مدينة مليط، أسفرت عن مقتل 7 أشخاص ونفوق مئات المواشي والإبل.

ويقول مواطنون من رعاة الإبل والماشية في دارفور، إن الجيش السوداني ظل يلاحقهم بالغارات الجوية في بواديهم بمناطق "الزرق ومليط وكبكابية وغرة زاوية" وغيرها؛ ما أدى لمقتل العشرات وتهجير الآخرين.

وأبدى مواطنون في مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي عقب الغارات التي شنها الجيش يوم الجمعة، حيرتهم من الهجوم الجوي الذي يتعرضون له وآخره على مليط؛ مما أسفر عن مقتل 7 أشخاص ونفوق أكثر من 650 رأس إبل، فضلًا عن تدمير آبار مصادر المياه.

أخبار ذات صلة

حزب "المؤتمر السوداني": الجيش ارتكب جريمة حرب جديدة في دارفور

وقال أحد المواطنين، وهو يخاطب مجموعة من المتضررين بالقصف الجوي، إن السكان عثروا على رماد حريق الغارات الجوية، شاهدوه لأول مرة ويشتبه في أنه بقايا مواد سامة قد تتسبب في تلوث كل البيئة.

وأضاف: "نناشد العالم بأننا نفقد حتى مياه الشرب، لقد انهالت علينا قنابل عنقودية لأول مرة نشاهدها في حياتنا، كل الأشجار انهارت والآبار دُمرت وأصبح السكان في رُعب، هذه هي المرة العاشرة التي يستهدفنا فيها الطيران بشمال دارفور".

وتابع: "استهدفَنا طيران الجيش السوداني في الزرق وكبكابية والزاوية غرة، نحن مستهدفون من البرهان، لو أن هنالك مجتمعا دوليا أو حقوق إنسان فلينجدنا اليوم قبل غد، حتى مياه الشرب فقدناها".

أخبار ذات صلة

الجيش السوداني يقتل 15 مدنيًا في غارة جديدة شمالي دارفور

قصف مُتعمد

وأكد مصدر مطلع لـ"الخليج 365"، أن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني دمر 15 مصدرًا للمياه في منطقة الزُرق من أصل 18؛ ما أدى إلى نزوح جميع سكان المنطقة وهم من الرعاة الرُحل.

وأشار إلى أن الطيران الحربي دمر أيضًا مجمع مياه به أكثر من 4 آبار تعتبر أكبر منتج للمياه حول مدينة مليط أصبحت اليوم مدمرة تمامًا بعد أن كان يعتمد عليها الرعاة في سُقية مئات الآلاف من رؤوس الأغنام والإبل والماشية، مشيرًا أن هؤلاء سيضطرون إلى النزوح والبحث عن مناطق بديلة تتوفر فيها المياه.

وذكر أن الجيش السوداني دمر مصادر مياه في منطقة تُسمى "جديد السيل" شمال مدينة الفاشر، وهي أيضًا من بوادي رعاة الإبل.

ويقطن مناطق "الزرق ومليط وغرة زاوية" وغيرها من المناطق التي جرى استهدافها بالطيران الحربي التابع للجيش، قبائل "الزيادية والمحاميد والرزيقات".

وسيتعين على هذه المجموعات السكانية التي تحترف الرعي، البحث عن مصادر مياه جديدة لمواشيهم، ومع قلة موارد الرعي والمياه عمومًا في دارفور فمن المتوقع أن تنشأ صراعات قبلية جديدة على هذه الموارد؛ مما يفاقم أزمة الإقليم الأمنية.

أخبار ذات صلة

الجيش السوداني يجدد قصفه العشوائي على مناطق في دارفور

اتهامات

ويرى الصحفي المهتم بالأوضاع في دارفور، علاء الدين بابكر، لـ"الخليج 365" أن الجيش السوداني يمضي في تأكيد الاتهامات التي تلاحقه بأنه يمثل جماعة سياسية محددة وليس كل السودانيين.

وقال إن الجيش السوداني في كل الحروب دخل فيها كانت ضد المواطنين السودانيين ولم تكن ضد جهة خارجية، حيث ظل منذ خمسينيات القرن الماضي يحارب السودانيين في الجنوب والشمال، وفق قوله. 

وأشار إلى أن الممارسات اليومية للجيش السوداني خلال هذه الحرب جعلت الناس يصنفونه بأنه تبع جهة سياسية ومناطقية محددة، فهو بدلًا عن استهداف خصومه يقوم باستهداف المواطنين الأبرياء الذين يعتبرهم حواضن اجتماعية لأعدائه.

وأكد أن جميع المناطق والأعيان المدنية التي ظل يستهدفها الجيش السوداني في دارفور تقطنها قبائل يقاتل بعض أبنائها في صفوف قوات الدعم السريع، ما يجعل استهدافه لهذه المناطق كأنه عقاب جماعي للسكان.

وذكر أن الجيش يهدف من خلال ضرب ثروات المواطنيين الحيوانية وتدمير مصادر المياه إلى استنزاف هذه المجتمعات وحصارها، مما يقودها إلى التهلكة، قائلًا إنها "ممارسات لا تجعله يستحق أن يكون جيش وطن يمثل كل السودانيين، وإنما جيش جماعة سياسية واجتماعية محددة".

أخبار ذات صلة

حقوقيون: الجيش السوداني يحتجز مدنيين كرهائن

جريمة حرب

وقالت مجموعة "محامو الطوارئ" الحقوقية، إن الغارات الجوية التي يشنها الجيش السوداني على المواقع المدنية في دارفور تشكل جريمة حرب.

وقالت المجموعة، في بيان تلقى موقع "الخليج 365" نسخة منه، إنه "وفقًا للقانون الدولي الإنساني والاتفاقية الرابعة من عام 1949 حول حماية المدنيين في وقت الحرب، فإن الهجمات المباشرة على المدنيين والبنية التحتية المدنية تُعتبر جرائم حرب، كما تنص الاتفاقية الأولى من عام 1977 على حماية المدنيين من الهجمات غير المشروعة وعلى حق المدنيين في الحصول على الحماية والرعاية".

وحملت المجموعة الحقوقية الجيش السوداني مسؤولية الغارات الجوية العشوائية وطالبته بضرورة التحلي بروح المسؤولية تجاه المدنيين، منددة بالقصف العشوائي الذي أحدث هذه الأضرار الجسيمة في الموارد البشرية والطبيعية.

وأكدت المجموعة الحقوقية أن الغارات الجوية التي شنها الجيش السوداني على دارفور، أدت إلى تلوث مصادر مياه الشرب بحسب رواية السكان المحليين بالمنطقة جراء مخلفات البراميل المتفجرة.