محمد الرخا - دبي - الخميس 25 أبريل 2024 10:06 مساءً - يلقي التهديد الوشيك المتمثل في الأمراض الاستوائية بظلاله على المناطق البعيدة عن خط الاستواء، حيث يمتد البعوض الحامل للأمراض إلى مناطق لم تكن متأثرة سابقًا في أمريكا الشمالية وأوروبا، بحسب تقرير نشره موقع "نيوزويك".
ويتسبب البعوض، الذي يُطلق عليه غالبًا أكثر المخلوقات فتكًا في العالم، في وفاة ما يقرب من مليون شخص سنويًا، وفقًا لما ذكره المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها. ومن بين الأمراض الأكثر شهرة الملاريا، التي تنقلها في الغالب إناث بعوض الأنوفيلة، إلى جانب أمراض أخرى مثل حمى الضنك، والحمى الصفراء، وزيكا.
وقد كانت هذه الأمراض محصورة تقليديًا في المناخات الاستوائية، وهي الآن مهيأة للتسلل إلى خطوط العرض الأكثر برودة، وهو ما أعرب عنه الخبراء وسط خلفية تصاعد درجات الحرارة العالمية بسبب تغير المناخ.
وسلطت راشيل لوي، من المعهد الكاتالوني للأبحاث والدراسات المتقدمة في برشلونة، الضوء على الاحتمال المقلق: "إن الاحتباس الحراري يؤدي إلى تفاقم انتشار ناقلات الأمراض، وتوسيع نطاقها الإقليمي إلى ما كان عليه في السابق". وبالتالي، قد تنشأ حالات تفشي المرض في المناطق التي يفتقر فيها السكان إلى المناعة ولا تزال البنية التحتية للرعاية الصحية غير مجهزة.
أما تداعيات هذه الأمراض فهي وخيمة، إذ تودي بحياة مئات الآلاف سنويا. ومع المسار المستمر لارتفاع درجات الحرارة العالمية، يزداد التهديد حدة، مما يعرض شريحة أكبر من السكان للخطر.
وتؤكد دراسة حديثة أجرتها لوي على ذلك، حيث كشفت أن ظروف الجفاف التي يعقبها مناخ أكثر دفئا وهطول الأمطار المفرط تزيد من احتمالية تفشي حمى الضنك. وأوضحت لوي هذا الارتباط، مؤكدة أن "حالات الجفاف والفيضانات الناجمة عن المناخ تسهل انتقال الفيروس بشكل متزايد، وهو ما يسهله وجود خزانات المياه الراكدة التي تعمل بمثابة أرض خصبة للبعوض“.
ومما يزيد من تفاقم المخاوف توقعات أنه بحلول عام 2070، قد يواجه ما يصل إلى 4.7 مليار فرد إضافي خطر الملاريا وحمى الضنك إذا استمرت المسارات المناخية الحالية، وهو تناقض صارخ مع الفترة الممتدة من 1970 إلى 1999.
وحتى في ظل السيناريو المتفائل لتحقيق أهداف المناخ العالمي، فإن اتخاذ تدابير استباقية أمر مهم للتخفيف من التوسع المحتمل لهذه الأمراض. وتدعو لوي إلى التدخلات الوقائية، مشددة على أهمية آليات المراقبة القوية المجهزة بأنظمة الإنذار المبكر والاستجابة السريعة المشابهة لتلك المنتشرة في أماكن أخرى. وتهدف مثل هذه التدابير إلى تحسين تخصيص الموارد، وتوجيه الموارد المحدودة إلى المناطق المعرضة للخطر الشديد في محاولة لاستباق تفشي الأمراض ومكافحتها وتجنب تفشيها.
إن الاستفادة من نهج متعدد التخصصات، ودمج مراقبة الحشرات مع التنبؤ المناخي، يوفر وسيلة واعدة لتوقع هذه التهديدات التي تلوح في الأفق ومواجهتها بفعالية. وقد أوجزت لوي المنهجية، مع التركيز على تجميع بيانات الطقس، والاستطلاع بمساعدة الطائرات المسيرة لتحديد أماكن تكاثر البعوض، والاستفادة من الأفكار من المجتمعات المحلية والمتخصصين في الرعاية الصحية. والهدف النهائي: تمكين المجتمعات من تحصين الدفاعات وتخفيف المخاطر.
ومع ذلك، تؤكد لوي أن الاستراتيجية الأكثر فعالية على المدى الطويل لوقف انتشار هذه الأمراض تتطلب بذل جهود متضافرة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل كبير. ولن نتمكن من الحماية من زحف شبح الأمراض التي ينقلها البعوض، وضمان حماية الفئات السكانية الضعيفة في جميع أنحاء العالم إلا من خلال العمل الجماعي على نطاق عالمي.