محمد الرخا - دبي - الخميس 25 أبريل 2024 10:10 صباحاً - نظرة متعجلة سريعة إلى المسلسل الكولومبي الجديد "اختطاف الرحلة 601" The hijacking of flight 601 الذي يُعرض حاليا على منصة "نتفلكس"، توحي بأنه مجرد عمل تشويقي مثير يدور حول اختطاف طائرة واتخاذ ركابها رهائن كنوع من الإرهاب المتخفي وراء شعارات سياسية براقة، لكن النظرة الأكثر تعمقا وروية تؤكد أنه عمل عن الأمومة بامتياز وقدرتها كغريزة أسطورية على صنع المعجزات.
ويعود صناع العمل إلى حقبة السبعينيات وما اتسمت به من اضطرابات في أمريكا اللاتينية حيث القلاقل السياسية تجتاح القارة واختطاف الطائرات المدنية من قبل جماعات ترفع لافتات ثورية متطرفة كان سلوكا شبه روتيني.
والواقعة التي يستند إليها المسلسل كأحداث حقيقية تتمثل في اختطاف طائرة تحمل رحلتها الرقم نفسه الموجود في العنوان وعلى متنها 84 شخصا أقلعت من مطار "بيريرا" بكولومبيا، وانتهت في الأرجنتين في رحلة استغرقت 60 ساعة، تخللها الكثير من التوقف والارتباك والعشوائية لتصبح الأطول زمنيا في تاريخ اختطاف الطائرات في القارة.
مشهد من العملThe hijacking of flight 601
حبكة ذكية
يكمن ذكاء الحبكة التي تستند إلى وقائع تاريخية دائما في زواية التناول، وهل ستذهب إلى المتوقع والتقليدي أم ستختار مدخلا مختلفا، وهذا بالضبط ما حدث، حيث تجسد "مونيكا لوبيرا " شخصية مضيفة طيران تعاني من أزمة مادية خانقة، فقدت الزوج والوالدين ويتعلق في رقبتها ثلاثة أولاد في سن سخيف ومزعج على الحدود بين الطفولة المتأخرة والمراهقة. تفشل في التوفيق بين التزاماتها الأسرية ومواعيد العمل الصارمة، فتتعرض للطرد، لكنها تتمسك بآخر حبال الأمل، حين تصعد إلى طائرة مختطفة يطلب خاطفوها المسلحون بالبنادق الرشاشة مضيفة متمرسة بدلا من المبتدئة الغريرة التي معهم.
تقاوم المضيفة أشباح مخاوفها وتصر على النجاة من أجل أولادها، فتبث حالة من الطاقة الإيجابية والمقاومة الذكية الفعالة التي تمزج الرغبة في الخلاص بالحس الإنساني. لا ترهبها فوهات البنادق المصوبة إلى رأسها وتتحمل مسئولية إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح الركاب. وحين تكتشف أن الرجلين الخاطفين لا علاقة لهما بالسياسة، وأن الأمر برمته خدعة من أجل حقيبة منتفخة بالدولارات، لا تفقد رباطة جأشها وتظل تتفانى بحثا عن طوق نجاة لا يبدو أنه قريب.
أخبار ذات صلة
بعد انتهاء دراما رمضان.. انقسام حول أفضل مسلسل ونجم
شاعرية المأساة
تغمر آشعة الشمس الطائرة التي تحولت إلى كيان مشوه يجمع بين المقبرة والمستشفى، ويتعالى الغناء اللاتيني المفعم بالشجن، للأسف لم تتم ترجمة الأغاني، بينما تستعرض الكاميرا وجوه وانفعالات وأرواح بقية الشخصيات: إرهابي محبط، ومضيفة طيران أخرى مذعورة، وكابتن طائرة انزلق الشعر المستعار عن رأسه فبانت صلعته وجُرح كبرياؤه، وركاب يصارعون الرعب والدم والمصير المجهول.
في واحد من أكثر مشاهد المسلسل عذوبة وشاعرية، يصاب أحد الخاطفين برصاصة قاتلة في صدره، فتتهاوى الصورة الزائفة للإرهابي المخيف. وبينما يحتضر في ألم شديد، يتعلق مثل الطفل في رقبة المضيفة ويبكي مرتعبا من فكرة الموت المحتوم ثم يناشدها أن تغني له ترنيمة أخيرة قبل الوداع . تستجيب رغم المفارقة الساخرة وقد رأته يرتد رضيعا لا ينشد سوى حنان الأم كمصدر للأمان، وحين وجده للمرة الأولى في حياته، أغمض عينيه ومضى في سلام.