ماذا بعد "التراشق" بين إيران وإسرائيل؟

محمد الرخا - دبي - الأحد 21 أبريل 2024 12:03 مساءً - لم تخرج العمليات المنفذة بين إيران وإسرائيل عن إطار التراشق والرسائل التحذيرية، دون أن يُظهر أيٌّ من الجانبين نوايا جادة للدخول في مواجهة عسكرية مباشرة.

Advertisements

فبالنظر إلى آثار العملية التي أطلقت خلالها إيران عددًا من المسيرات والصواريخ يوم الـ13 من أبريل باتجاه إسرائيل لم تستهدف أو تتسبب في أيّ أضرار جدية سواء في مواقع عسكرية أو منشآت صناعية اقتصادية أو بنى تحتية، ولم يخرج الرد الإسرائيلي المحدود عن هذا الإطار.

ومن خلال تصريحات مسؤولي كلا البلدين إضافة إلى التصريحات الأمريكية بهذا الخصوص، تشير جميع المعطيات المتعلقة بهذا الملف بانتهاء هذا التراشق ولو مرحليًّا.

واعتبارًا لنتائج ومخرجات هذه العمليات المحدودة وتأثيرها على الأوضاع الإقليمية والعالمية، يتضح أن إسرائيل كانت المستفيد الأكبر من مجريات ما حدث.

ومن مظاهر الاستفادة تخفيف الضغوط الدولية عن إسرائيل وتحوّل الأنظار والرأي العام العالمي عن ملف الحرب على غزة إلى التهديد الوجودي الذي تتعرض له إسرائيل.

فقد أسهمت الهجمة الإيرانية في دعم وتعزيز الرواية الإسرائيلية التي تروّج لها إسرائيل منذ إنشائها في العام 1948 بأنها تتعرض لتهديد وجودي من دول الإقليم، وبالتالي استعادت دعم بعض الدول الأوروبية المؤثرة وعدد من دول العالم التي سبق أن مارست ضغوطًا على إسرائيل جراء حربها على غزة واتهمتها بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة.

كما ركزت وسائل الإعلام الدولية والأوساط السياسية على مجريات الأحداث بين إيران وإسرائيل مقابل تغييب التركيز على ملف الحرب على غزة خلال الأسبوع الماضي والحالي على الأقل.

أخبار ذات صلة

لماذا تقلل إيران من أهمية الهجوم الإسرائيلي على أصفهان؟

إعادة الدفء

وإضافة إلى ذلك فقد غنمت تل أبيب نقطة مهمة وهي إعادة الدفء لعلاقاتها مع واشنطن، فرغم الدعم الأمريكي اللامحدود الذي قدمته إدارة بايدن لإسرائيل في حربها على غزة، فإن العلاقات بين البيت الأبيض ونتنياهو شهدت فتورًا وانتقادات علنية مباشرة بين الطرفين نتيجة الممارسات الإسرائيلية في غزة والضفة، فضلًا عن رفض نتنياهو للطروحات الأمريكية المتعلقة بملف المساعدات الإنسانية وملف اجتياح رفح، ووصلت الخلافات إلى إعادة النظر في المساعدات الأمريكية العسكرية المقدمة لإسرائيل.

إلا أن الهجمة الإيرانية قلبت الطاولة وأجبرت إدارة بايدن على تجاوز الخلافات مع نتنياهو وحكومته وإعادة إظهار الدعم المطلق لإسرائيل للدفاع عن وجودها وأمنها ضد تهديد إيران وأذرعها في المنطقة.

ومن ناحية أخرى كشفت عملية الرد الإيراني على القصف الإسرائيلي لقنصليتها في سوريا زيف الشعارات التي تروّج لها إيران وأذرعها بأن القضية الفلسطينية وتحرير الأقصى هو المحرك الرئيس لعدائها مع إسرائيل والغرب.

فمنذ قيام دولة الخميني عام 1979، للمرّة الأولى تستهدف إيرانُ إسرائيلَ بشكل مباشر بدافع قصف قنصليتها في دمشق وقتل عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني، ولم تقم بالمثل رغم ما يجري في غزة وسقوط أكثر من 35 ألف فلسطيني في القطاع.

كما تشير التصريحات الرسمية الإيرانية وتصريحات وزير خارجيتها تحديدًا إلى عقد تفاهمات إيرانية – أمريكية – إسرائيلية بشأن إيقاف الردود الانتقامية بين إيران وإسرائيل؛ ما يُعرّي حقيقة الدور الإيراني في المنطقة أمام الكثير من المتعاطفين والمؤمنين بالشعارات الإيرانية في المنطقة العربية عمومًا والفلسطينيين تحديدًا، فمحركات السياسة الإيرانية هي مصالحها الخالصة فقط.

أخبار ذات صلة

"نيويورك تايمز": هجوم أصفهان أثبت قدرة إسرائيل على اختراق دفاعات إيران الجوية

ماذا بعد؟

ويبدو أنّ النتائج التي آلت إليها عمليات الردود بين الطرفين والتي انتهت برعاية أمريكية ستعطي نتنياهو دفعة قوية في الاستمرار في حربه على غزة وتحديدًا مخطط اجتياح رفح بعد تحلل الحكومة الإسرائيلية من الكثير من الضغوط إضافة إلى تحجيم الدور الإيراني وضمان كبح جماح أذرعها في المنطقة.

وثمة نقطة أخرى مهمة وهي إضعاف موقف "حماس" في المفاوضات مع إسرائيل وصولًا إلى تهديد استمرارها كتنظيم رئيس في الساحة الفلسطينية، بدليل تجاه قادة الحركة إلى تركيا كمحاولة أخيرة في إيجاد حاضنة سياسية تحتوي "حماس" وقادتها بعد انكشاف الموقف الإيراني وتعثر ملف المفاوضات الذي ترعاه قطر، بخصوص ملف الرهائن.

كما إن قطر والأطراف المتداخلة في عملية التفاوض تشعر أن الفجوات تتسع بين القيادة السياسية لـ "حماس" في الخارج وقادتها في قطاع غزة؛ ما سيؤدي بالضرورة إلى فشل عملية التفاوض المرتكزة على ملف المحتجزين الإسرائيليين داخل القطاع.