غزة.. خريجون جامعيون يروون قصصًا مؤلمة عن الفقد و"ضياع الأحلام"

محمد الرخا - دبي - السبت 20 أبريل 2024 06:03 مساءً - وثَّق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية معاناة عشرات الطلبة الفلسطينيين الذين تخرجوا من برنامج طب الأسنان في جامعة الأزهر في غزة، حيث أنهوا  تدريبهم قبل أسبوع فقط من اندلاع الحرب المدمرة على القطاع.

Advertisements

وقال التقرير، إن الخريجين الذين يبلغ عددهم  117 طالبًا وطالبة تحدثوا من داخل الخيام أو شرفات ما تبقى من منازلهم، حتى أن البعض منهم تسلّق خزانات المياه أو سار  إلى مسافات طويلة للحصول على إشارة الهاتف.

وأضافت الصحيفة، أن الجميع تحدث عن فقدان أحبة لهم خلال الحرب، فيما تُوفي اثنان من زملائهم الخريجين في الفصل، بينما يخشى  الكثيرون أن يكون هو أو هي التالي.

وتابعت: "لقد وصف هؤلاء  الناجون كيف قُتل أحباؤهم وكانت معظم منازلهم في حالة خراب، لقد تحدث  الكثيرون عن شعورهم بالجوع، وفقدان كميات كبيرة من الوزن."

وأضافت الصحيفة، أن الخريجين تحدثوا بغضب ويأس وحيرة حول حجم  تأثير القصف الإسرائيلي على القطاع الذي دخل، الآن، شهره السابع، عليهم، حيث قال أحدهم: "لقد خضنا الكثير من الحروب من قبل، لكن هذه الحرب مختلفة تمامًا، لقد أخذت هذه الحرب الجميع”.

مديحة الشياح واحدة من بين الذين تحدثوا للصحيفة تقول، إنها فرَّت من منزلها  في مدينة غزة، وإن جدتها وأعمامها وأبناء عمومتها بقوا هناك في منزلها، قبل أن تتسبب القنابل بمقتلهم جميعًا، فيما لا تزال جثثهم تحت الأنقاض، بينما فقدت مديحة الاتصال بأختها دون أن تعلم مصيرها.

 وقالت ميرنا إسماعيل، من جهتها، إنها فقدت اثنتين من صديقاتها وابن عمها، مشددة على أن الجميع على صلة بشخص قُتل في الحرب دون أن نفهم لماذا يُقتلون؟!.

فقدان زملاء الدراسة

ويقول الخريجون، إنهم علموا بمقتل زملائهم من خلال مجموعة خاصة على تطبيق "واتساب "، وهي الطريقة الوحيدة التي علم بها معظم الخريجين أن اثنين من زملائهم قد قُتلوا.

من جانبه، تقول وزارة التعليم العالي الفلسطينية إن الخريجة أسيل الطايع كانت في منزلها مع عائلتها، في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بما في ذلك والدها سفيان الطايع، الباحث البارز في الفيزياء والرياضيات التطبيقية، قبل أن تقصف الطائرات الحربية الإسرائيلية منزلهم، ما تسبب بمقتلهم جميعًا.

وتضيف "ميرنا" معلّقة على مقتل أسيل وعائلتها: "في ذلك الوقت، ليس من السهل البكاء، أنت تعتقد أن هذه كذبة فحسب، وسأراها مرة أخرى."

كما نقلت الصحيفة العديد من الشهادات عن فقدان أو مقتل العديد من الخريجين في القطاع جراء الحرب، بسبب القصف الإسرائيلي على منازلهم.

وتقول آلاء جهاد حسين، إن ابن عمها البالغ من العمر 22 عامًا، والذي قُتل مع زوجته وابنتهما كانوا قد تعرّضوا لإصابة بصاروخ تسبب بتقطيع أجسادهم إلى أشلاء".

وأشارت الصحيفة إلى أنه ومع انقطاع الاتصالات في كثير من الأحيان، كان بعض الخريجين يخشون أن يكون أحباؤهم قد ماتوا دون علمهم، وأنهم يتعرفون على مقتل أحبائهم في كثير من الأحيان بمحض الصدفة.

وتقول أسماء دويمة، التي أحصت 3 من أصدقائها و 4 من أبناء عمومتها من بين القتلى: "أخشى أن أموت هذه الأيام، وألا يجد أصدقائي اسمي بين أسماء الشهداء لأن هناك الكثير منهم”، مبينة: "أخشى أيضًا أنهم لن يجدوا اتصالاً بالإنترنت لتسجيل الدخول ونشر قصة سخيفة لإحياء ذكرى وفاتي".

الجوع وفقدان الوزن

ومضى تقرير "نيويورك تايمز" في توثيق شهادات عن معاناة الخريجين في القطاع مع الجوع والذي تسبب لهم بفقدان الوزن بسبب نقص الغذاء الحاد في شمال القطاع على وجه الخصوص.

ونقلت الصحيفة عن "مازن الوحيدي" أحد الاستثناءات القليلة شمال القطاع الذين تسبب نقص الغذاء الحاد هناك بفقدانه 46 رطلاً من وزنه، ولجأ إلى تناول "علف الحيوانات".

ويقول الوحيدي: "لقد كانت هذه الأعلاف مثل القمامة، لكنها كانت الخيار الوحيد أمامنا."

وأضاف أن عمّته، وهي مريضة بالسرطان، تُوفيت دون أن تتمكن من الحصول على العلاج، ودفنوها في الشارع بالقرب من مقبرة مدمرة.

كما بقيت "نور شحادة" في شمال القطاع، حيث قالت، إن عائلتها تعتمد على الأعشاب البرية للبقاء على قيد الحياة، مبينة: "نحن نتضور جوعًا وكأننا نعيش في القرن الثامن عشر".

وأردفت الصحيفة: "قبل الحرب، سافر عمها إلى إسرائيل لتلقي العلاج الكيميائي، لكنه مات دون الحصول عليه."

أما أريج الأسطل فقد كانت حاملاً عندما تم إجلاؤهم أولاً إلى خيمة في مدينة رفح، ثم إلى منزل مكتظ مع عائلة زوجها، وتقول إنها نامت على الأرض لمدة شهرين.

ندرة الطعام وفقدان الوزن

وأضافت أنها وبسبب ندرة الطعام، لم تكتسب أي وزن خلال فترة حملها بأكمله قبل أن تهرب إلى مصر، وتنجب طفلها هناك.

وتشير الصحيفة إلى أن العديد من الخريجين قالوا، إنهم حصلوا للتو على وظائف في العيادات التي أصبحت، الآن، في حالة دمار، إذ قال أحدهم، إنه بدأ، مؤخرًا، العمل كمتطوع في خان يونس، حيث يعالج ما يصل إلى 60 لاجئًا يوميًا، فيما تمكن عدد قليل آخر من مغادرة البلاد.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول: "بعد أشهر من احتفالات الخريجين البهيجة، لا تزال مباني جامعة الأزهر التي كانوا يدرسون فيها طب الأسنان تحمل ندوب الحرب حتى أن بعضهم قال إن أحلامهم وآمالهم ذهبت أدراج الرياح، منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر."