غادر شمال غزة بقدم واحدة.. أحمد أبو شرخ يروي مأساته مع النزوح (صور)

محمد الرخا - دبي - الأحد 14 أبريل 2024 10:14 صباحاً - يروي الشاب أحمد أبو شرخ تفاصيل قاسية عن معاناته منذ اليوم الأول لبدء حرب غزة: "لقد استيقظت في صباح السابع من أكتوبر على أصوات الصواريخ والأخبار التي تتحدث عن اقتحام المستوطنات، ومثلي مثل آلاف المواطنين المدنيين قررت أن أذهب إلى أقرب موقع عسكري اسرائيلي قريب من بيتنا وكان موقع (إيرز)، وعند وصولنا إلى هناك، حيث كان الجميع يركض ويهلل بأصوات التكبير وأنا أحاول استيعاب ما يحدث وأراقب الناس باستغراب".

Advertisements

وأضاف أبو شرخ في حديثه لـ"الخليج 365": "لم يمضِ على قدومي عشر دقائق وربما أكثر قليلًا، لتبدأ الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصفنا بشكل مباشر، هممت بالهروب لأتفاجأ بصاروخ يسقط بجانبي أنا ومجموعة من المواطنين وأردانا بين قتيلٍ وجريح".

أحمد أبو شرخ أثناء تلقيه العلاج بعد بتر ساقهالخليج 365

وتابع، كانت اللحظات الأولى للإصابة دامية للغاية، فما إن انقشع غبار الصاروخ وأنا ممدد على الأرض غارقًا بدمي أحاول فهم ما حدث، وبدأت أنظر يمينا ويسارا ويا ليتني لم أنظر، لقد وجدت قدما مبتورة اعتقدت أنها لأحد المواطنين، حتى نظرت إلى ساقي بالأسفل وعلمت أنها لي، كاد قلبي يتوقف من شدة الحزن والكآبة الفورية التي شعرت بها.

وأكمل، كانت الأشلاء في كل مكان، والجرحى ينزفون بغزارة، ولا يوجد هناك أي من طواقم الإسعاف كوننا داخل موقع اسرائيلي أساسًا، فبدأت أزحف فلم أستطع الزحف سوى عدة أمتار فقط، ليراني أحد جيراني الذين لم يصابوا ويقوم هو وشخصان آخران بحملي إلى خارج الموقع ليتسنى نقلي إلى المشفى.

وزاد أبو شرخ، عندما قاموا بحملي وهمّوا بنقلي صرخت فيهم: "رجلي رجلي لسا هناك هاتوها أمانة عليكم"، وبالفعل جلبها أحد الأشخاص وانطلقوا بي إلى خارج الموقع، ونقلوني عبر سيارة أجرة إلى مستشفى الأندونيسي شمال قطاع غزة.

ولفت إلى أنه "منذ تلك اللحظة بدأت فصول المعاناة والعذاب، حيث أنني لم أتلقَ الخدمة العلاجية كما يجب، وبدأت ساقي بالالتهاب، لقد كان حجم الألم الذي شعرت به لعشرات الليالي رهيبًا، كنت أحتاج إلى العشرات من حبّات المسكن حتى أستطيع أن أنام أو أذهب إلى الحمام".

أحمد أبو شرخ بعد فقدانه ساقهالخليج 365

مع اشتداد الحرب والقصف على شمال غزة وحصار المستشفى الأندونيسي بالدبابات والآليات الإسرائيلية اضطررت إلى الخروج منها والعودة إلى المنزل والمكوث هناك فترة العلاج المتبقية.

وتابع، لقد عشت مع عائلتي ظروفًا قاسية خلال الحصار والمجاعة التي تعرضنا لها، إلى جانب نقص الدواء اللازم لعلاجي، ومع اشتداد هذه الفترة وعدم مقدرتي على الاستمرار في المواجهة قررت النزوح باتجاه جنوب وادي غزة.

أحمد أبو شرخ من وسط الدمار في مخيم جباليا شمال غزة الخليج 365

وأردف، لم يكن النزوح بساق واحدة وعكازين سهلًا على الإطلاق، فقد أوصلتني سيارة عند آخر نقطة تستطيع الوصول إليها على شارع الرشيد، وبعدها انطلقت وسط الدمار والشوارع المجرّفة مشيًا على قدم واحدة؛ إذ بلغت المسافة التي قطعتها مشيًا في الظهيرة وتحت أشعة الشمس ووسط الدبابات والطائرات قرابة 5 كيلو مترات.

لم يكن مسموحًا على الإطلاق التوقف أثناء المشي أو أخذ قسط من الراحة؛ إذ كانت طائرات الكواد كابتر (الدرونز) والقناصة المنتشرة على السواتر الرملية تراقب تحركاتك لحظة بلحظة.

وختم الشاب أبو شرخ حديثه: "عندما وصلت إلى الجهة الأخرى جنوب وادي غزة وأصبح مسموحًا لي أن أتوقف، جلست على الرصيف وأنا ألهث وأتصبب عرقًا، لم أذق طعم الراحة منذ السابع من أكتوبر العام الماضي، لقد بت أشعر بأنني عبء على هذه الدنيا، ساق مبتورة وعاطل عن العمل وتجاوزت عمر الثلاثين دون أي إنجاز، كل شيء حولي محبط".