أطفال سوريا.. العيد بثياب مستعملة وبلا "عيديات"

محمد الرخا - دبي - الجمعة 12 أبريل 2024 10:10 مساءً - للعيد طعم مختلف عند أطفال سوريا، فهذه المناسبة السعيدة بدأت تتخلى عن طقوسها المكلفة مالياً منذ تفاقم الأزمة الاقتصادية، وكان الأطفال أكثر المتضررين من نظام التقتير الصارم، الذي وضعه الأهالي، اقتصاداً في النفقات.

Advertisements

ومع تراجع القدرة الشرائية وموجات الغلاء المتكررة، لم يعد راتب ربّ الأسرة البالغ 350 ألف ليرة شهرياً، يكفي لإطعام العائلة أربعة أيام، فكيف بالمناسبات والأعياد (الدولار الأمريكي الواحد يعادل نحو 14 ألف ليرة).

ويشير تقرير للأمم المتحدة بعنوان: "أطفال سوريا محرومون من طفولتهم"، إلى أن عدد الأطفال المشرّدين في سوريا وصل إلى خمسة ملايين طفل عام 2020، عدا عن تعرض أعداد كبيرة للقتل والعنف والحرمان من التعليم.

أخبار ذات صلة

صخرة "اذكريني" بدمشق.. قصة تلهم عشّاق سوريا (صور)

أحد أسواق دمشقالخليج 365

العيد بثياب مستعملة

تخلى الأهالي عن عادة شراء ألبسة العيد لأطفالهم، فلجأ بعضهم إلى محلات الثياب المستعملة، وعمد آخرون إلى تدوير الملابس بين الأطفال حسب العمر والمقاس، أما من حصل على تبرّعات من الجمعيات الخيرية، فاعتُبر من المحظوظين.

وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في تقريرها الصادر عام 2024، إن ما يقرب من 7.5 مليون طفل سوري بحاجة إلى المساعدة الإنسانية؛ بسبب الفقر والظروف الاقتصادية الصعبة.

ويعد شراء الألبسة الجديدة دليلًا على قدوم العيد بالنسبة للأطفال، فلا أحد يستطيع الاقتناع بأن عيداً سعيداً يمكن حصوله بحلة قديمة.

وتتعرّض ألبسة الأطفال إلى غلاء فاحش في المناسبات، ويضطر الأهل لاستقبال العيد بثيابهم القديمة؛ بهدف توفير المبلغ لأبنائهم الصغار. ورغم ذلك لا ينجحون سوى بشراء قطعة أو قطعتين يُلبسونها الأطفال بالتناوب.

وسبق لغرف التجارة والصناعة أن أشارت قبل أيام من العيد، إلى انخفاض القدرة الشرائية. وقال مدير غرفة دير الزور في لقاء صحفي: "توجهت معظم الأسر إلى محلات الألبسة المستعملة لشراء كسوة العيد لأبنائها".

ولا تقلّ تكلفة ثياب الطفل عن 300 ألف ليرة، حتى في محلات الألبسة المستعملة (البالة)، التي تربط أسعار المبيع بسعر صرف الدولار.

ويقول عابد، وهو موظف، لـ"الخليج 365": "بهجة الأطفال في العيد مرتبطة بشراء الثياب الجديدة، وأحاول شراء أشياء بسيطة لطفليّ؛ لأن فرحهما أهم شيء بالنسبة لي".

أخبار ذات صلة

مهرجانات التسوق في رمضان.. ملاذ الفقراء في سوريا (صور)

العيد في دمشقالخليج 365

بين أعياد الأمس واليوم

تغيب عن الشوارع كثير من المشاهد المرتبطة بالعيد، فقد درجت العادة سابقاً بأن تقام في كل حي مدينة ألعاب صغيرة للأطفال، لكن ألعاب التسلية تقتصر في هذا العيد على أماكن محدودة في الحدائق العامة.

ويؤكد الهدوء المطبق على أجواء المدينة، عدم قدرة الأطفال على شراء الألعاب النارية، كما توقّفت المركبات عن نقل الأطفال في جولات سياحية؛ بسبب غلاء الوقود، وألغى الأهالي مشاوير الترفيه المكلفة، مفضّلين الجلوس في المجانية العامة.

وفي الماضي، كانت الأغنيات الشعبية التي يردّدها الأطفال أثناء اللعب بـ"المرجوحة" أو "الزحليطة" إحدى علامات الفرح بالعيد. لكن تلك الأهازيج خفّت نظراً لقلة ألعاب الملاهي، مقارنة بما كانت عليه في السابق.

وكان الأطفال في أعياد الماضي، يتباهون بحجم العيديّات النقدية التي يحصلون عليها من الأهل والأقرباء، لكن هذه الهبات صارت ضئيلة لا تبعث على المباهاة.

ويحكي اليافعون، للأطفال الأصغر سناً، عن مغامراتهم في العيد قبل الحرب والأزمة الاقتصادية، حيث كانت قيمة الدولار الواحد تساوي 50 ليرة، فيما وصل اليوم إلى 14 ألف ليرة.

ووفقاً لليونيسف، فإن أكثر من 650 ألف طفل دون سن الخامسة، يعانون سوء التغذية المزمن عام 2024، بزيادة قدرها حوالي 150 ألف طفل عن السنوات الأربع منذ عام 2019.

ويظهر تراجع الليرة أمام الدولار بشكل متصاعد حجم العجز في القدرة الشرائية للمواطن الذي يستقر راتبه عند 20 دولاراً في الشهر، في حين يحتاج 500 دولار ليؤمّن ما أمكن من تكاليف العيش.

وتخلّى الناس عن عادة شراء الألبسة الجديدة في العيد، وغفروا لأنفسهم العزوف عن إعطاء الأطفال "عيديّات" مالية تبهجهم في هذه المناسبة. لكن أطفال سوريا، يبدون معنيين باستعادة طفولتهم فقط، بغض النظر عن الدراسات الاقتصادية وآراء الخبراء.