خطوة جديدة تعمق الخلاف.. هل بدأ الانقلاب الأرميني على روسيا؟

محمد الرخا - دبي - الخميس 11 أبريل 2024 09:03 مساءً -  خطت يريفان خطوة جديدة في الابتعاد عن الفضاء الروسي، بعد اتخاذها قرارا بعدم المشاركة في اجتماع وزراء خارجية "رابطة الدول المستقلة"، الذي سيعقد في العاصمة البيلاروسية مينسك، يوم غد الجمعة 12 أبريل/نيسان الجاري.

Advertisements

القرار جاء بعد أسبوع تقريبا من اجتماع عقد في بروكسل، لبحث التعاون بين أرمينيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، شارك فيه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بالإضافة إلى الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.

ولا يعتبر قرار عدم المشاركة في اجتماع وزراء خارجية "رابطة الدول المستقلة" الأول من نوعه، بل بات الأمر أوسع من ذلك؛ إذ إصبحت يريفان تتنصل من أي أرضية تجمعها مع روسيا، بحسب مراقبين، رغم أن الإدارة الأرمينية تشير إلى أن خطواتها بالتقرب إلى الغرب لا تستهدف بالضرورة العلاقات مع روسيا.

 لكن موسكو متوجسة من التحركات الأرمينية، على مايبدو، وقد حذرت من أن هذا التقرب "قد يتطلب إجراءات من روسيا على الصعيد الأمني للجم التدخل الخارجي في شؤون جنوب القوقاز، وتحويل الأمر إلى مواجهة جيوسياسية مع موسكو"، بحسب وزارة الخارجية الروسية.

أرمينيا والابتعاد عن روسيا

يرى الباحث في الشؤون الروسية بافيل ماردونوف، في حديثه لـ"الخليج 365"، أن أرمينيا "تتخذ يوما بعد يوم، خطوات لا يمكن تفسيرها سوى بأنها تنهي العلاقات الإستراتيجية مع روسيا، وتحولها إلى علاقات عادية، على حساب المضي قدما باتجاه الغرب، والأمر ليس بحاجة لتكهن أو تحليل؛ فخطوات يريفان واضحة ومستمرة بها وفق قاعدة التنصل التدريجي".

ويتابع" أرمينيا انهزمت بحربها مع أذربيجان، وغير مقتنعة بتحمل المسؤولية، بل تريد أن تقتنع بأن روسيا والتحالف معها هو السبب لكل أزماتها، وبناء على هذه القناعة، بدأت بمرحلة تبديل جلدها، والغرب بالمقابل يلوح لها بالجنة الموعودة، والبداية كانت بمساعدة تنموية قدرها 270 مليون يورو على مدار أربع سنوات".

وحول الموقف الروسي يشير ماردونوف، إلى أن "موسكو مازالت تتعامل بدبلوماسية، وتوجه التحذيرات ليريفان، لكن إذا استمر الوضع على ما هو عليه، قد تلجأ موسكو لخطوات عقابية؛ لأن الأمر لا يختصر برغبة أرمينية خالصة بالابتعاد عن روسيا فقط، بل البديل هو الغرب الذي يملك سياسة معادية لروسيا، ويريد أن يخلق المزيد من التوترات على حدودها".

وخلص إلى القول" هناك مصالح اقتصادية لأرمينيا مع روسيا، وأتوقع أن يريفان تحاول إعادة حساباتها بحيث تبقي على ما يفيدها من العلاقة مع موسكو فقط، لكن روسيا ليست ساذجة؛ فالعلاقات بالنهاية شبيهة بالتجارة، وطرفا العلاقة التجارية يجب أن يستفيدا وإلا يتم فسخ العقد".

الغرب وحلفاء روسيا

ويشير الخبير في الشؤون الإستراتيجية أوليغ كوستيوتشينكو، إلى أن الغرب"منذ مدة طويلة يحاول إعادة ترتيب السياسة القائمة في منطقة شرق أوروبا وآسيا والقوقاز، أي فضاء الاتحاد السوفيتي السابق، وعلى ذلك بدأ بالتدريج بالتعامل مع هذه الدول، والبداية كانت دول أوروبا الشرقية التي كانت سوفيتية، وفعلا نجح بأن تكن هذه الدول العداء لروسيا بشكل واضح، وتفوقت بذلك على دول وسط أوروبا وغربها".

ويتابع في حديثه لـ"الخليج 365"، أن "آخر الدول التي أتحدث عنها في أوروبا الشرقية كانت أوكرانيا، ورأينا ماذا حدث، وهي الأخطر كانت؛ لأن لها وضعا خاصا بالنسبة لروسيا، وعلاقات مختلفة عن بقية دول الاتحاد السوفيتي السابق، واليوم جاء دور أرمينيا، وجنوب القوقاز، ناهيك عن المحاولات مع دول أخرى مثل كازاخستان وقرغيزستان".

ويعتقد الخبير في الشؤون الإستراتيجية، أن " على روسيا أن تتعامل مع الأمر بشكل أكثر حنكة، ولا شك أن الدبلوماسية الروسية نجحت في دول بالشرق الأوسط واليوم تتوسع العلاقات بقوة، ونجحت أيضا في بيلاروسيا، وحافظت عليها كدولة حليفة".

وأضاف الخبير أن "روسيا دولة غنية ومتقدمة، وتملك إمكانيات ضخمة، ويجب استغلال هذه الميزات لمشاركة بقية الدول الصديقة بها، وأعتقد أن هذا خيار لوقف التمدد الغربي".

ويشير كوستيوتشينكو، إلى أن "نتائج الحرب الأوكرانية سيكون لها التأثير الأكبر لعلاقات روسيا مع محيطها، وفي حال انتصرت روسيا ستتغير المفاهيم كلها، وتصبح الدول المحيطة التي تفكر فقط في التوسع غربا أن تعيد ترتيب أوراقها والبحث عن علاقات أوسع وأكثر قوة مع موسكو، وهذا كله مرتبط بمن سينتصر بالمنطقة، روسيا أم الغرب، لذلك يقول الساسة في موسكو، إن هذه الحرب هي حرب وجودية بالنسبة لروسيا، وهي كذلك فعلا".