محمد الرخا - دبي - الخميس 11 أبريل 2024 11:17 صباحاً - سلطت دراسة حديثة الضوء على العلاقة المثيرة للقلق بين الشعور بالوحدة في مرحلة الطفولة وحدوث نوبة الذهان، مع تأثير خاص على النساء.
وتشير الدراسة، التي أجراها باحثون في مدريد بإسبانيا ونشرها موقع news-medical، إلى أن الأطفال الذين يعانون فترات طويلة من الوحدة قبل سن 12 عامًا يواجهون خطرًا كبيرًا للإصابة بالذهان مقارنة بنظرائهم الذين لا يبلغون عن مثل هذه المشاعر.
ويمثل الذهان، الذي يتميز بالانفصال عن الواقع وغالبًا ما يتسم بالهلوسة والأوهام والأفكار المشوشة، تحديًا كبيرًا لمتخصصي الصحة العقلية والأفراد على حدٍ سواء. وفي حين أنه يمكن أن يظهر كحالة قائمة بذاتها، إلا أن الذهان يمكن أن يكون أيضًا من أعراض اضطرابات الصحة العقلية الأساسية مثل الفصام، أو الاضطراب ثنائي القطب، أو الاكتئاب الشديد.
وأكد التقرير أن التمييز بين الوحدة والعزلة الاجتماعية أمر بالغ الأهمية، فالوحدة، التي تُعرَّف بأنها شعور شخصي بالضيق الناجم عن الافتقار إلى علاقات ذات معنى، وتتناقض مع العزلة الاجتماعية، التي تشير إلى الغياب التام للتواصل الاجتماعي أو الدعم.
وقيمت الدراسة، التي تستخدم تصميم المراقبة والحالات والشواهد، الشعور بالوحدة لدى الأطفال باستخدام عنصر استبيان محدد وتمييزها عن العزلة الاجتماعية.
وكشفت النتائج الرئيسة للدراسة عن وجود علاقة جديرة بالملاحظة بين الشعور بالوحدة في مرحلة الطفولة واحتمال التعرض لنوبة ذهانية في وقت لاحق من الحياة. وحتى بعد أخذ العزلة الاجتماعية الموضوعية في الاعتبار أثناء مرحلة الطفولة، استمر الارتباط، ما يؤكد التأثير الفريد للمشاعر الشخصية والوحدة على نتائج الصحة العقلية.
"النساء مهددات"
وكان الجانب الخاص بنوع الجنس في هذه الدراسة ذا أهمية خاصة، إذ أظهرت النساء اللاتي أبلغن عن الشعور بالوحدة في مرحلة الطفولة احتمالية أعلى بكثير للتعرض لنوبة ذهانية مقارنة بالرجال. بالإضافة إلى ذلك، بين النساء اللاتي عانين من الذهان، ارتبطت الوحدة في مرحلة الطفولة بانخفاض احتمال تشخيص اضطرابات طيف الفصام، ما يشير إلى اختلافات محتملة في عرض وتطور الاضطرابات الذهانية على أساس الجنس وتجارب الحياة المبكرة.
علاوة على ذلك، سلطت الدراسة الضوء على آثار الشعور بالوحدة في مرحلة الطفولة على شدة الأعراض الذهانية والأداء العام لدى الأفراد الذين عانوا من نوبة ذهانية. وشدد الدكتور كوفادونجا دياز كانيجا، المنتسب إلى معهد الطب النفسي والصحة العقلية في مدريد، على أهمية هذه النتائج، مشددًا على الحاجة إلى تدخلات وقائية تستهدف الشعور بالوحدة لدى الأطفال للتخفيف من مخاطر الصحة العقلية على المدى الطويل.
وتمتد مضامين هذه الدراسة إلى ما هو أبعد من نطاق البحث الأكاديمي، خاصة في ظل الاتجاهات المجتمعية المعاصرة مثل الرقمنة وزيادة العزلة الاجتماعية، حيث تمثل معالجة انتشار الشعور بالوحدة لدى الأطفال وتداعياتها المحتملة على الصحة العقلية أولوية حاسمة للصحة العامة.
ومن خلال التعرف على المؤشرات المبكرة للذهان وتنفيذ التدخلات المستهدفة لتعزيز الترابط الاجتماعي والرفاهية العاطفية منذ سن مبكرة، يمكن لمتخصصي الرعاية الصحية العمل على تحسين نتائج الصحة العقلية على المدى الطويل للفئات الضعيفة.