"حق الملح".. عادة مغربية لمكافأة الزوجة في عيد الفطر

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 10 أبريل 2024 01:06 صباحاً - تعد عادة "حق الملح"، من أبرز الطقوس المغربية مع حلول عيد الفطر، إذ يجتهد الزوج في تقديم هدية شكر لزوجته في العيد، اعترافًا وتقديرًا منه لجهودها ومشقتها في إسعاد الأسرة خلال شهر رمضان المبارك، وتعزز أواصر المحبة داخل الأسر.

Advertisements

ولا تزال هذه العادة الأصيلة حيَّة في المغرب، وهي العادة التي عُرفت أيضًا عند سكان البلدان المغاربية، مع اختلاف في التسمية؛ فهناك من يطلق عليها "حق الملح" أو "حق الطعام" أو "التكبيرة"، فيما يظل مضمونها نفسه.

وأكد الباحث في قضايا الهوية المغربية عبد الله النملي، أن "حق الملح من العادات المتوارثة لدى الأسر المغربية؛ فالزوج يشتري هدية ويقدمها لزوجته في العيد، اعترافًا وتقديرًا لجميل صنعها خلال الشهر الفضيل، وتقديرًا لتعبها طوال شهر رمضان دون تذمر".

وأضاف النملي لـ"الخليج 365"، أن "هذه العادة، التي تجسد عمق العشرة والمودة بين الأزواج وتماسك الأسرة، لا تزال حية، وبعض الأئمة في المساجد يذكّرون المصلين بالحفاظ عليها، في سياق زمن العولمة وتفكك الروابط الاجتماعية".

وأوضح أن "قيمة حق الملح تختلف باختلاف المستوى الاجتماعي للأسرة، فمنهم من يقدم مبلغًا ماليًا، أو يشتري لباسًا تقليديًا، وآخرون يقدمون ذهبًا أو فضة، وهناك من يهدي زوجته تكاليف عمرة، أو كل ما من شأنه إدخال السرور عليها".

وقال النملي، إن "حق الملح تطور في أيامنا هذه، إذ أصبحت الهدايا في بعض الأسر الثرية باهظة كسيارات وغيرها، وانتشر التباهي بها على مواقع التواصل الاجتماعي".

أصل التسمية

وأبرز أن "تسمية حق الملح، تعود إلى رمزية يشار من خلالها إلى اضطرار الزوجة في بعض الحالات، وعند إعدادها الطعام لأسرتها، إلى تذوق درجة ملوحة الطعام في شهر رمضان وهي صائمة".

وتابع النملي: "لذلك ارتبط اسم الهدية بمجازفتها بصيامها، من أجل إسعاد أسرتها، وتقديم أطباق شهية"، مضيفًا أن "هناك من يرى أن عادة حق الملح مستمدة من عبارة بيننا عيش وملح".

ولفت إلى أن "باحثين في التراث يرون أيضًا، إلى جانب الروايات السابقة، أن العادة نقلها الأندلسيون الذين هاجروا إلى شمال أفريقيا بعد غزو بلادهم، وحافظ عليها سكان هذه البلدان وتناقلوها جيلاً بعد آخر".

من جانبه، ذكر الباحث في الأنثروبولوجيا سعيد دليمي، أن "السرديات المتناقلة تذهب إلى أن عادة حق الملح تعود للثقافة الأمازيغية القديمة، فيما تكشف أخرى أنها عادة عثمانية دخلت مع دخول العثمانيين إلى المنطقة المغاربية".

وقال دليمي لـ"الخليج 365"، إن "شهادات شفهية تُجمع على أن عادة حق الملح تقدم للزوجة وربة البيت بعد عودة الزوج والأبناء من صلاة عيد الفطر. حينها تكون الزوجة قد نظفت البيت، ولبست أجمل ثيابها، وتُقدم له فنجان أو براد شاي بالنعناع مع حلويات العيد أو طقوس الفرح وهذا شكل آخر من أشكال الفرح بالعيد".

وأوضح أن "الزوج يشرب القهوة أو الشاي، ولا يعيد الفنجان أو الإناء فارغًا، وإنما يضع فيه خاتمًا أو حِليًا أو سوارًا ذهبيًا أو فضيًا"، مشيرًا إلى أن "الأمازيغ كانوا يقدمون الفضة بالنظر إلى رمزيتها".