محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 9 أبريل 2024 07:06 مساءً - تحظى الدراما الشعبية بجماهيرية كبيرة في مصر، إذ ينتظرها الجمهور من عامٍ لآخَر باحثين عن جرعة فنية تمثل فئة كبيرة من المجتمع المصري، الذي يبحث من خلالها عن البطل الشعبي الذي يقف إلى جانب المظلوم ويواجه الظالم، القوي الذي لا يخشى أحدًا.
ورغم ذلك، دائما ما يُقدَّم هذا البطل على أنه خارج على القانون، فهو إما تاجرٌ للآثار، مثل مسلسل أحمد العوضي في "حق عرب" الذي تصدر الترند، وإما بلطجي، أو لص كما في مسلسل "العتاولة"، أو يتعامل بالربا كما حدث العام الماضي في مسلسل "جعفر العمدة".
ليبقى السؤال قائمًا، لماذا يصر صناع الدراما على إظهار البطل الشعبي بهذه الصورة؟
خطيئة كبرى
وصف الناقد الفني سمير الجمل ما يقدم في الأعمال الشعبية بـ"الخطيئة الكبرى"، مشيرًا إلى أن تصدير البطل الشعبي على أنه بلطجي ويريد أخذ حقه بيده دون الرجوع للقانون، هو أمر خاطى، كما إنه ليس له علاقة بالواقع كما يدعون، على حد قوله.
وأضاف الجمل في تصريحات خاصة لـ"الخليج 365": "البطولة الحقيقية ليست في البلطجة، وليس في أخذ الحق بالقوة، ففي الموسم الجاري نرى الأخ الذي يحرق منزل شقيقه، وأم الزوجة التي تجهضها، والبنت التي تتهم والدتها في شرفها، مثل مسلسلات "حق عرب، العتاولة، محارب، بيت الرفاعي، وغيرها"، حيث دائما تجد جملة: أنا هاخد حقي بذراعي".
وأشار سمير الجمل إلى أن من يبرر تقديم هذه النوعية من الأعمال بأنه ينقل صدى الشارع على الشاشة، هو "جاهل ومحتال"، هكذا وصفه.
وأضاف: "لا يوجد في الدراما ما يقال أنها تنقل نبض الشارع إلى الشاشة، وإلا ستكون الدراما بلا قيمة، فجميعنا في الشارع، ونرى ما يحدث فيه، لماذا تقدمه لي في التلفزيون؟ الدراما وظيفتها تقويم للأفعال الخاطئة في الشارع، الدراما رسالتها أن تقول للمشاهد هذا هو الشارع الذي تعيش فيه، ولكن يجب أن يكون هكذا".
واستطرد الناقد المصري: "المصيبة الكبرى في هذه الأعمال هي تمجيد الخارج على القانون، وإظهاره على أنه بطل، لذا تجد معظم هذه الأعمال تدور أحداثها إما عن تجارة المخدرات أو الآثار، أو السرقة، وهذه النماذج تهدم المجتمع، وتقدم صورة سيئة عن الحارة المصرية، فضلًا عن تقليد الشباب لهم، ما يسهم في وجود بلطجية كثيرين في الشارع".
وقال: "قديمًا كان يقدَّم البطل الشعبي وهو "الفتوة" الذي يقف بوجه الظالم ويساعد المظلوم، وفي حال تقديم الفتوة على أنه ظالم كان يوجد بالعمل ذاته شخص يحب الحق وينتصر في العمل على الفتوة الظالم ويصبح هو الفتوة، مما يؤسس فكرة أنه لا يصح إلا الصحيح، وأن الظلم وإن طال فلا بد لصاحب الحق أن بنتصر".
ما يقدم ليس بطولة شعبية
أكد الناقد الفني أحمد سعد الدين أنّ ما يسمونه البطل الشعبي في المسلسلات الشعبية التي تعرض في السنوات الأخيرة أبعد ما يكون عن البطولة الشعبية، لافتًا إلى أن البطل الشعبي لا بدَّ أن يساند المظلوم.
وأضاف سعد الدين في تصريحاته لـ"الخليج 365": "للأسف لدينا أزمة في موضوع البطل الشعبي، دائما يتم تصديره على أنه خارج على القانون، مع أن أسلوب البطل الشعبي ليس كما يقدمونه تمامًا، البطل الشعبي يأخذ الحقوق للضعفاء والمظلومين، ولكن أعتقد أنه أصبح "ترند" أن يكون البطل الشعبي هكذا".
وأشار سعد الدين إلى أن "الأزمة الكبيرة هي اعتياد الجمهور على هذه الصورة وتعلقه بها، لدرجة أن في مسلسل الأسطورة حينما قام البطل الذي جسد شخصيته محمد رمضان بقتل خصمه في الشارع، صفق المشاهدون في المقاهي، سعدوا بانتقام محمد رمضان، وهنا تكمن الخطورة".
وأوضح سعد الدين أن إعجاب الجمهور بهذا النموذج جعل المنتجين وصناع الدراما يتجهون لتقديمها بكثرة، رغم أنه عيب في الدراما، لكن كل ما نستطيع قوله هو أن: المنتج عايز كده.