"يريفان" الأرمينية.. حاضرةٌ مسوّرةٌ بالجبال والأساطير (فيديو إرم)

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 9 أبريل 2024 10:06 صباحاً - عاصمة دولة أرمينيا المحاطة بسلسلة من الجبال ذات القمم البنفسجية التي تشيع في النفس جوًّا من الجمال والرهبة لا سيما وقت الغروب، لكن المدينة الهادئة تحمل أيضًا بين شوارعها الفسيحة وميادينها الأنيقة بصمات أزمنة سحيقة تجعلها واحدة من أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم.

Advertisements

تناوب على حكمها في حقب زمنية مختلفة العرب والفرس والمغول والروس، لكنها احتفظت في النهاية بروحها الدائمة كعاصمة للجمال الطبيعي الخلاب والأساطير التاريخية التي تطاردها في كل ركن وزقاق.

في محاولة الإجابة عن سرّ تسمية المدينة بهذا الاسم، تطل برأسها نظريات عامة وأساطير غامضة دون دليل علمي قاطع. من تلك التفسيرات ما يعود إلى سفينة النبي "نوح" وكيف أنها حين رست على جبل "أرارات"، هتف أحد من كانوا على متن السفينة، قائلا: "يريفانتس"، أي "بانت" أو "ظهرت" باللغة الأرمينية القديمة، في إشارة إلى ظهور اليابسة أخيرا بعد رحلة طويلة مرهقة في البحر.

وهناك من يؤكد أن الاسم يعود إلى الملك الأرمني القديم "يرفاند"، بينما يذهب فريق ثالث إلى أن المدينة اشتقت اسمها من حصن أو قلعة "إربوني" العسكرية التي أقيمت على تلة قريبة من موضع المدينة حاليا، وبمرور الوقت تم تحوير "إربوني" ليصبح "إرفون" ثم "إريفان" ومن ثم "يريفان". وفي العصور الوسطى، عُرفت باسم "إيروان" حين كانت خاضعة للاحتلال الفارسي وتغير اسمها إلى "إريفين " حسب النطق الروسي حين كانت إحدى الجمهوريات السوفيتية. وبداية من عام 1936، أصبحت معروفة رسميا باسمها الحالي.

يجمع المؤرخون على أن العام 782 قبل الميلاد يمكن اعتباره بداية موثقة لتاريخ المدينة بالتزامن مع إنشاء حصن "إربوني" الذي بناه الملك "آرغيتشي الأول" لحماية المنطقة من هجمات القوقازيين. وفتح العرب المدينة في العام 658 م ضمن حملاتهم المتواصلة لفتح بلاد فارس، وبسبب موقعها الاستراتيجي تحولت إلى محطة رئيسة على طريق القوافل التجارية بين العرب والهند.

ويعود التصميم العمراني الجميل الذي تحظى به المدينة حاليا، إلى ما عُرف بـ"خطة يريفان العامة" والتي وضعها المهندس "ألكسندر تمانيان" في زمن خضوع إرمينيا للاحتلال السوفيتي حين كانت تُعرف باسم "جمهورية أرمينيا الإشتراكية السوفيتية" وتشكل مع جورجيا وأزربيجان جمهوريات القوقاز السوفيتية.

واللافت أن المدينة لم تكن العاصمة الأولى لإرمينيا؛ إذ سبقتها 12 عاصمة أخرى على مر التاريخ، وبعد أن كان يقطنها عدد محدود من السكان في القرن التاسع عشر إبان خضوعها لنفوذ روسيا القيصرية أصبحت تعج بالسكان على وقع نهضة عمرانية شاملة مع بداية الألفية الثالثة، كما أصبحت إحدى عواصم العالم البارزة في الثقافة والفنون ومنحتها هيئة "اليونسكو" لقب "عاصمة الكتاب" في 2012.

وليس غريبا أن تكون قلعة "إريبوني" التي ينطقها البعض "إرين – بيرت" ضمن أبرز المعالم التاريخية في "يريفان" وقد تعرضت لعملية ترميم شاملة العام 1968. وهناك كذلك "المسجد الأزرق" بقبته الزرقاء الشهيرة والذي بُني في القرن التاسع عشر، و"المتحف الوطني" الذي يعود تاريخه إلى العام 1957 ويضم آلاف الوثائق والمخطوطات النادرة.