القصبة الجزائرية.. نهبت فرنسا كنوزها للنجاة من الإفلاس

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 9 أبريل 2024 09:03 صباحاً - لا يزال نهب كنوز القصبة في العاصمة الجزائرية من قبل فرنسا الاستعمارية جزءا غير معروف من التاريخ.

Advertisements

ومع إنشاء لجنة من المؤرخين لمعالجة ملفات الذاكرة، التي سمّمت العلاقات بين الجزائر وباريس، سيكون من المفيد العودة إلى السادس من تموز/يوليو لعام 1830؛ لمحاولة الاطلاع على ما حدث.

ويعد معرفة حقيقة ما حدث ما بعد ذلك التاريخ المشؤوم للجزائر أمرا مصيريا، منها استسلام الداي حسين آنذاك وإلقاء السلاح، وما تلاه من نهب لكنوز القصبة الواقعة في العاصمة الجزائرية.

وقد بحث المؤرخ الفرنسي مارسيل إيميريت، في عام 1954؛ أي في بداية ثورة التحرير في الجزائر، عن مداخل أخرى لفهم ما حدث عام 1830، ليكتشف في نهاية المطاف السبب الحقيقي لاستعمار البلاد من قبل الفرنسيين.

أحد احياء القصبة العتيقةأرشيفية

وختم عمله بالكشف عن أن الهدف الوحيد من الإنزال الفرنسي على ساحل سيدي فرج، في الـ14 من حزيران/يونيو 1830، هو الاستيلاء على كنز القصبة، الذي كان كبيرا في ذلك الوقت، ويمكن أن يسمح لفرنسا بالخروج من المأزق المالي الصعب.

وتم تأكيد أطروحة إيميريت لاحقا من قبل الباحث شارل أندريه جوليان، في عام 1964، وفهم الكثير من الناس بعد ذلك أن "ضربة المروحة" على شخص بيير ديفال، القنصل الفرنسي في الجزائر العاصمة، لم تكن سوى ذريعة للاستيلاء على كنز الجزائر العاصمة.

وفي السادس من تموز/يوليو عام 1830، استلمت لجنة مكونة من المراقب العام ديني والجنرال ثولوزيه وصراف الرواتب الجنرال فيرينو، مفاتيح كنز الداي، وبعد ذلك، اختفت سبائك ذهبية تتراوح قيمتها بين 25 ألفا إلى 30 ألف فرنك، بعد اختراق جدار في غرفة سك العملة.

أخبار ذات صلة

الجزائر وفرنسا.. علاقات ومستقبل جديد على كف "التاريخ"

وأشار الجرد الرسمي بعد أيام قليلة إلى أن كنز القصبة بلغ 48.684.528 فرنكا من العملات الذهبية والفضية، إلا أن المؤرخين جعلوا من هذا الحدث حقيقة ثانوية، واعتمدوا الرواية الرسمية التي تقول إن الكنز غطى تكاليف الرحلة وحقق ربحا يقارب 5 ملايين من العملات الذهبية والفضية، تضاف إليها المواد الحربية وغيرها من البضائع المضبوطة.

والأقرب للحقيقة ما تناوله الصحافي الاستقصائي بيير بيان (المتوفى أخيرا)، إذ أكد أن السرقة كانت إحدى الذرائع الكبرى التي جمعت رجال الأعمال مثل الأخوان شنايدر وآل سيليير في الرحلة الاستكشافية.

أخبار ذات صلة

سيفار.. الجوهرة المخفية في قلب صحراء الجزائر (فيديو إرم)

ويكتشف بيير بيان أن الكنز، الذي تم نقله إلى سردينيا في إيطاليا، في الميناء القديم للمدينة الحرة، في 25 من آب/أغسطس 1830، يمكن أن تقدر قيمته اليوم بـ 5.7 مليار يورو، ويقول إنه سيتم بعد ذلك تقاسمها بين الملك لويس فيليب، والمارشال دي بورمونت، والأخوين شنايدر وآل سيليير، المصرفيين اللذين موّلا الحملة العسكرية.

وعلى العموم، ظلت القصبة التي تشكل متاهة من الشوارع الضيقة مأهولة بالسكان منذ العصور القديمة، فقد كانت لفترة طويلة عاصمة الجزائر، قبل أن يستعمرها الفرنسيون عام 1830، ثم يتم تهميشها لصالح المدينة الجديدة بعد الاستقلال.

وفي عام 1957، كانت القصبة مسرحا لمعركة الجزائر؛ فقد واجهت الفرقة العاشرة من المظليين الفرنسيين، بقيادة الجنرال ماسو، مقاومي جبهة التحرير الوطني بقيادة ياسف السعدي، إلى جانب إضراب عام وحرب عصابات وهجمات وقعت في شوارع القصبة، وفي عام 1992، أدرجت منظمة اليونسكو القصبة موقعًا للتراث العالمي.