كيف تحولت حلويات العيد إلى مرارة في قلوب السوريين؟

محمد الرخا - دبي - الاثنين 8 أبريل 2024 10:17 صباحاً - بعد أن كانت رائحة المعمول والبيتيفور تُعْلِن قُدوم العيد بالنسبة للكثير من العائلات السورية، أصبحت الآن تلك الرائحة مجرَّد ذكريات وحنين إلى زمن مضى، بسبب تدهور قيمة الليرة، وانخفاض دخل الفرد، ووقوع معظم السوريين تحت خط الفقر.

Advertisements

مرارة الحرب وقفت هذه السنة بشراسة أكبر في وجه حلويات العيد التي تتفنَّن السيدات السوريات بصناعتها منزلياً، جاعلةً من نشوة الفرح المرافقة لطقوس تحضيرها، ومن سعادة الأطفال بها، بعيدة المنال، لاسيما في ظل الغلاء المستشري وضعف القوة الشرائية لنسبة كبيرة من العائلات السورية.

هذا الوضع جعل من أطباق الحلويات في العيد تسقط من قائمة الضيافة المعتادة، إذ لم يعد بالإمكان التباهي بالمعمول بالجوز أو معمول الفستق الحلبي، خاصةً أن سعر كيلو الجوز يُقارب المئتي ألف ليرة، ويسبقه الفستق الحلبي بأشواق، حيث بلغ سعر الكيلو منه الخمسمئة ألف ليرة، أي ما يعاد ضعفي راتب موظف الدولة من الدرجة الأولى.

بائع حلويات سوريمتداولة

ناهيك عن أن التباهي بنكهة السمنة البلدية التي تُطيِّب مذاق المعمول على اختلاف حشوته والبيتيفور بتنوع أشكاله، تحوَّلَ إلى تباكٍ مرير بعدما بات الكيلو غرام الواحد بمئتي ألف ليرة على الأقل، في حين أن استبداله بالسمن النباتي يُضيِّع نصف النكهة، وإن كانت حلاً مناسباً من الناحية الاقتصادية؛ إذ إن سعرها يقارب ربع سعر السمنة الحيوانية.

الارتفاع الجنوني بأسعار المواد الأولية لحلويات العيد، والذي زاد بحسب تقارير اقتصادية بنسبة 50% عن العام الفائت، ليس هو السبب الوحيد في التخلّي عنها، بل يُضاف إليه الواقع الكهربائي المزري مع التقنين الجائر الذي يصل في بعض المناطق إلى أكثر من عشرين ساعة في اليوم، الأمر الذي يجعل أفران الكهرباء خارج نطاق الخدمة.

حلويات عربية متداول

وفي حال اللجوء إلى أفران الغاز فإن وضعها ليس أفضل حالاً مع حصة العائلة المحدَّدة بجرة واحد كل شهرين تقريباً، أما الحصول عليها بالسعر الحر فهو شيء مُرهِق جداً وغير متاح للكثيرين؛ ما يجعل تخلِّي السوريين عن صناعة حلويات العيد منزلياً أمراً مفروضاً بحكم الواقع الاقتصادي المرير.

قد يفكر بعضهم باللجوء إلى محلات الحلويات، لكن مجرد استعراض بسيط لأسعارها، سيجعل تلك الفكرة غير قابلة للتطبيق نهائياً، إذ إن سعر كيلو المعمول بالفستق يتراوح بين المئة والخمسين والمئتي ألف ليرة حسب نوع السمن المستخدم فيه ونوع الفستق سواءً أكان حبة كاملة أم مبروشاً، في حين أن كيلو البيتيفور فبين الثمانين والمئة والخمسين ألف ليرة.

أخبار ذات صلة

الكنافة والقطايف.. حلويات رمضانية تغنى بها أشهر شعراء العرب

أما أنواع الحلويات الأخرى فأسعارها فلكية بالنسبة للكثير من السوريين، إذ يتراوح كيلو الوربات بين المئتي وثلاثمئة ألف ليرة، وسعر القطعة الواحدة من المعمول بالقشطة يتعدى السبعة آلاف ليرة، بينما الغْرَيْبة فسعر الكيلو بين المئة والمئتي ألف ليرة.

وعندما تتساءل عن السبب يأتيك الجواب بأنه إضافة إلى غلاء أسعار المواد الأولية، فهناك أجور المحلات والضرائب المالية، إلى جانب أجور العمال والنقل، وصعوبة توفير جرَّات الغاز الصناعية الكبيرة، والاضطرار لشرائها بالأسعار الحرة، وغير ذلك.

أي أن حال السوريين هذه السنة مع حلويات العيد يزداد مرارةً، ولم يبقَ لديهم سوى الذاكرة وتفاصيلها، يحنّون إليها، وإلى تلك النفحات من "صناعة الحب" كما يرغب البعض أن يسميها، لكنها اليوم باتت بعيدة عن مُستطاع السوريين وواقعهم الغارق بالمرارة تلو المرارة.