كيف أثّر احتكار شركات الإنتاج على هوية الدراما العربية؟

محمد الرخا - دبي - الأحد 7 أبريل 2024 05:23 مساءً - انطلقت الدراما العربية في بداياتها، من التلفزيونات الرسمية التي تأسست منتصف القرن الماضي تقريباً. وعملت دراما تلك الفترة تحت سقف المؤسسة الرسمية، فتناولت بشكل بسيط، قضايا اجتماعية "غير خلافية".

Advertisements

وكانت أجهزة الرقابة في ذلك الوقت، مهتمة بنقطة جوهرية تتعلق بضرورة عدم انتقاد الحكومة إلا في الحدود الدنيا. مع ضمان عدم الاقتراب من المحرمات المعروفة في الثقافة العربية.

ولم يكد صناع الدراما، يتنفسون الصعداء قليلاً، بدخول شركات الإنتاج الخاصة، حتى فوجئوا بأن الشركات الجديدة صاحبة رأس المال، لديها وجهة نظر حول دور الدراما والمواضيع التي يجب أن تهتم بها.

ولاحقًا، نشأ صراع داخل شركات الإنتاج المتنافسة، وأصبح هناك شركات كبرى برأس مال مرتفع، يخولها ممارسة احتكار الإنتاج الدرامي والتحكم بمسار المسلسلات، لأن ميزانية العمل في يدها، وشركات صغرى منضوية تحت جناح الشركات الكبرى.

أخبار ذات صلة

لماذا خفت بريق الدراما السعودية في رمضان 2024؟

الإنتاج الدرامي جزء من مشهد عام

لا يختلف قطاع الإنتاج الدرامي كثيرًا عن بقية القطاعات الفنية في الدول العربية، رغم تفرده بالعديد من التسهيلات الحكومية، نظرًا لعائداته المالية.

وتتوزع عملية الإنتاج الدرامي العربي، على عدة شركات خاصة، مرتبطة بمؤسسة رسمية مسؤولة عن إعطاء التراخيص وموافقات التصوير للمسلسلات. كما توجد مؤسسة إنتاج حكومية يكبر دورها أو يخف، حسب خصوصية كل بلد.

وتعتبر "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية" في مصر، من شركات الإنتاج العربية الكبرى. تأسست عام 2016، وأنتجت نحو 40 عملاً هذا الموسم. وتعود في مرجعيتها للدولة المصرية.

وتعرضت الشركة المتحدة للعديد من الانتقادات، وتم اتهامها بإنتاج مسلسلات تروج لأفكار تناسب الطبقة المتنفذة. وكانت تلك الانتقادات انعكاسًا لانتقال الخلافات السياسية للفن.

أما في سوريا، فهناك العديد من شركات الإنتاج الخاصة، المرتبطة قانونيًّا مع لجنة صناعة السينما والتلفزيون. كما يحضر الإنتاج العام والخاص بنسب متفاوتة، في المواسم الرمضانية.

ولا ينجو واقع الإنتاج الدرامي، في سوريا ومصر، من الانتقادات المتعلقة بتأثير رأس المال، وتدخل شركات الإنتاج في هوية الأعمال الدرامية، والرقابة، وتفضيل نوعية محددة من المسلسلات القابلة للبيع، بغض النظر عن رسائلها الفكرية وتأثيرها على المجتمع.

باسم ياخورمن مسلسل "العربجي"

احتكار مستتر

ولا يختلف سوق الدراما، عن الأسواق الاقتصادية المعروفة. فهناك صاحب رأس مال، وشركة منتجة، ومحطة عارضة، تحرص جميعها على أن يكون المسلسل بياعًا، يجذب المعلنين، ويحقق نسب مشاهدات عالية، تعود بالربح على صناعه.

وتحضر في سوق الإنتاج الدرامي، شركات عملاقة وشركات صغيرة، الأولى يخولها رأس مالها الكبير، لفرض شروطها التي تراها مناسبة، وكثيراً ما تفضل هذه الشركات، تحديد فكرة العمل وكادره ونجومه قبل إدراجه ضمن قائمة الإنتاج.

أما الشركات الصغيرة، فغالباً ما تنضوي تحت جناح الشركات الكبيرة، وتنتج بعض الأعمال المناسبة لقدرتها المالية.

وتحرص الشركات، على جمع أكبر عدد ممكن من النجوم في العمل، من أجل رفع سعره عند البيع، وجذب المحطات العارضة عبر قائمة النجوم المشاركين فيه.

وفي ندوة تناولت الدراما العربية، قبل سنوات، قال المخرج الراحل حاتم علي، إن "الدراما جزء من المشهد الثقافي العربي، وأزماتها مرتبطة ببنية الثقافة العربية".

ولم يحمّل علي، رأس المال مسؤولية معاناة الدراما، بل تحدث عن الرقابة، وتطورها من رقابة رسمية إلى رقابة اجتماعية أكثر تشددًا.

من الصعب العثور، على شخص من الوسط الدرامي، يتحدث عن حال شركات الإنتاج ورأس المال أو الاحتكار، وذلك لاعتبارات مهنية واجتماعية يمكن أن تؤثر على عمله الحالي وفرصه القادمة.